ربما سيجد الجنوبيون أنفسهم مع جبهة جديدة، تهدد كل ما أنجز في اتفاق الرياض، فعلى بعد نحو 80 كيلومتراً عن عدن، شيّد إخوان اليمن قاعدة عسكرية لراجمات الصواريخ والـطائرات التركية.
وفي محمية طبيعية وارفة الظلال يفسدون الأرض وينتقمون من المكان، خلقوا من العدم معسكراً حشدوا له أعداداً كبيرة، وعتاداً متنوعاً ليس بالهين.
كل المؤشرات في الأسبوع الأخير، والحشد الإضافي، بحسب مصادر مؤكدة، تنذر بقرب مواجهة جديدة قد تبدأ هناك ثم تتوسع، في ظل رغبة إخوانية جامحة للاتجاه نحو عدن والجنوب وباب المندب والمخا.
التحالف العربي هو الضامن، وهو المعني الآن بحماية الاتفاق، وعليه تقع مسؤولية اتخاذ موقف حازم لحماية “اتفاق الرياض” وقطع الطريق أمام من يستهدف إفشال الحكومة الجامعة وترسيخ الاتفاق، واستكمال ما تبقى منه.
تعمل الجماعة اليوم بصفاقة وبسبق إصرار وترصُد من خلال معسكر طور الباحة، وتستعد لجولة جديدة تهدف إلى معاقبة أبناء الجنوب ومحاربتهم بشتى الطرق والوسائل، وتوكل مهام لأعضائها ومليشياتها كي يبتكروا كل يوم طريقة طريفة وعملاً جديداً.
وعلى امتداد خارطة الجنوب يجتهد الإخوان ممثلاً بذراعه السياسية، حزب الإصلاح وعناصره المبثوثة في جسم الدولة، إلى زرع ألغام وتفجير صراعات ومواجهات مع مؤسسات أمنية أو عسكرية في محافظتي شبوة والمهرة، يعملون على تمزيق النسيج الاجتماعي وخلق جيوب مسلحة، بالإضافة إلى اختلاق مواجهات مع الأجهزة الأمنية في المحافظتين.
كما أن هناك نشاطاً استخباراتياً ملحوظاً لعناصر إصلاحية في الجنوب تزود الحوثيين وغيرهم بمعلومات عن قيادات وفعاليات ومؤسسات عسكرية وأمنية، وربما لها علاقة بالنشاط التركي في هذا الاتجاه.
يحاول الإصلاح الانتقال إلى مربع آخر من المواجهة باستخدام بعض الشخصيات الجنوبية والزج بها في مواجهات خاسرة، ولعل ذلك آخر أسلحة الإصلاح في الجنوب، وهي إحدى الوسائل التي يستخدمها للفتك بخصومه جنوباً، بعد استكمال مخططه في تعز ثم الحجرية.
يشكل العداء المشترك للإخوان والحوثي للجنوب أهم ما يجمعهما للتنسيق الذي لم يعد خافياً على أحد، الإصلاح تحديداً يرى في أي استقرار للجنوب تحت يد أبنائه خطورة وجودية عليه بعد الرفض الشعبي له في معظم مناطق الجنوب والحد من أنشطته، ويسارع في الذهاب لتعزيز تواجده الذي سلبه منه الحوثي في صنعاء ومعظم مناطق الشمال التي يسيطر عليها الحوثي نحو الجنوب لتعويض خسارته لا سيما ومعظم قيادات الإصلاح في الشمال الحوثي أوقفت كل أنشطتها وبعضها تماهى وتخادم مع الحوثيين.
ما يفزع حزب الإصلاح هو استقرار الجنوب أو بعض محافظاته حتى لوكان في جزيرة مثل سقطرى حيث يشكل ذلك عائقاً لانتشاره الذي يستند إلى الفوضى غالباً. ولذلك فهو مستعد أن يتحالف مع الشيطان لأجل زرع الفتن وتأجيج الصراعات.
اتفاق الرياض، نسبياً، عمل على تجفيف بعض امتدادات الإخوان في جسد الشرعية وفي الجنوب، كما أثبتت المناطق الجنوبية أنها غير حاضنة للإخوان والجماعات الإرهابية عموماً، ولأجل ذلك حشد أبناء الجنوب طاقاتهم وكافحوا ونجحوا وحدوا من انتشار معظم الجماعات الدينية المتطرفة، لكن مشكلتهم مع الإصلاح لا تزال قائمة، لأن أنشطة الإصلاح تتسم بالسرية أحياناً، وإنشاء معسكرات أحياناً أخرى، باسم الشرعية.
وهذا هو الطريق الذي اختاروه الآن في معسكراتهم في لحج، حيث تشهد مناطق الصبيحة وطور الباحة غلياناً وتجاذبات قبلية حادة رافضة للتواجد الإخواني ويمكن أن تندلع مواجهات في أية لحظة وتعيد الفوضى من جديد وتدفن اتفاق الرياض ومخرجاته.