مختطف محرر يروي جزءاً من إجرام المليشيات وأنواع التعذيب الذي تعرضوا لها(تفاصيل)
قبائل اليمن / جبر صبر
سنوات من التعذيب والحرمان وبأساليب قذرة تدل على وحشية المليشيا الحوثية المتمردة، التي تمارس أسوأ أنواع التعذيب وما زالت بحق المختطفين المدنيين، في سجونها القذرة، هي من يتحدث عنها المختطف المحرر “عبده مسعد صالح الزيادي”.
الزيادي روى أصنافاً من التعذيب الوحشي الذي تعرض له مع مختطفين آخرين، في عدد من السجون، التابعة للمليشيا الحوثية، وهو التعذيب الذي تم بإشراف من قيادات كبيرة فيها، كشهادة حية، على وجوب إنزال أقسى أنواع العقوبات لجرائمهم البشعة التي مارسوها بحق المختطفين، ومنهم المجرم يحيى سريع، وهو مدير سجن سابق، ينتمي إلى مديرية بني حشيش محافظة صنعاء، بحسب رواية المختطف المحرر عبده مسعد الزيادي.
غيب الزيادي في سجون المليشيا قرابة خمس سنوات، حيث تم اختطافه مطلع يناير 2016م أخفي قسرياً في البداية في منزلين منفصلين، ممن المنازل التي استولت عليها المليشيا، وهو ما يعتبره اعتقالاً سرياً له ولغيره ممن نالهم إجرام الحوثيين.
يقول عنها بأنها أيام مرعبة، عاشها في معتقلات الحوثي السرية، متذكراً اللحظات التي تم اختطافه فيها: “أثناء الذهاب إلى عملي في المنطقة التعليمية بمنطقة السبعين بالعاصمة صنعاء، من قبل عصابة مسلحة مكونة من أربعة أشخاص وتم نقلي إلى بيت في قرية السواد حزيز وهو منزل الشيخ محمد موسى العامري، الذي تم تحويله إلى سجن سري”.
ويواصل سرد قصته بألم كبير “بعد أن أوصلوني قاموا بأخذ تلفوني ووضعوا القيود على يدي وربطوا عيني، ليتم تعليقي بعدها ورفع يدي إلى الجدار وقاموا بضربي بكابلات كهربائية، وتعمدوا ضربي بمنطقة الفخذ وأسفل الساقين من الخلف كونها أكثر منطقتين تضاعف الآلام، ثم بدأوا التحقيق معي مع الاستمرار بالضرب”.
حين بدأت عناصر المليشيات بضربه، يتذكر الزيادي مواقف، تعد من المواقف الشديدة التي مرت عليه، منها استخدام ما تدعى بالكلابة أو (الزرادية) إذا قاموا بالضغط على خمس من أصابعه، لاقتلاع أظافره، عن ذلك يقول: “قاموا بأخذ هذه الزرادية ووضعها على رقبتي من الخلف وضغطها بشدة، حينها أغمي علي ولم أع إلا وأنا جالس على كرسي أمام المحقق وهم يضخون الماء على وجهي”.
ويضيف:” استمروا بالتحقيق معي واستمروا في تعذيبي طوال تلك الأيام والليالي، حيث كانوا يضعون العصا بأسفل رقبتي مكان الحنجرة ومقومون بالضغط عليها حتى يكاد يغمى علي من شدة الخنق، فضلاً عن ضربي برأسي بالعصي والكابلات، ثم تم نقلي إلى بدروم العمارة ووضعوني في زنزانة ضيقة دون فراش أو غطاء وعلى البلاط وكانت ايام البرد القارس، واستمريت فيها لقرابة عشرين يوما”.
صور من الحرمان
لحظات ألم كثيرة عاشها، يقول عنها: “عندما وضعوا ” الزرادية” على رقبتي ظلت رقبتي متورمة ما يقارب الشهرين، وذات مرة اعطوني تفاحة وقد كانت متعفنة فأكلتها مما سبب لي الإسهال والمغص الشديد حينها كنت أحتاج لكثرة الدخول إلى الحمام لكن لم يسمحوا بذلك مما زاد من ألمي ومعاناتي، كذلك البطانيات التي كنا نستخدمها كان بها حشرات سببت لنا الحساسية الشديدة، ناهيك عن عدم تعرضنا لأشعة الشمس نهائيا، كذلك خسرت من الوزن اكثر من عشرة كيلو بسبب قلة الأكل ورداءته، وحتى وإن وجدت ما يكفيك من الأكل لا تأكل خوفا من كثرة احتياجك الذهاب إلى الحمام وأنت لا تستطيع ذلك”.
ومن أشكال التعذيب الجسدي والنفسي التي كانوا يتعرضون لها من قبل سجاني مليشيا الحوثي يقول:” لم يكن يسمح لنا بدخول الحمام إلا ثلاث مرات في اليوم ولمدة دقيقة فقط، وإلا سيقوم السجان بفتح الباب عليك وضربك، حتى أنه في أحد الأيام لم يفتحوا لنا الحمام لساعات، وعندما أتوا وسألنا لماذا لم يفتحوا أخبرونا أن المكان كان مستهدفاً وقد أخلوا المكان وهربوا، تاركين أرواحنا تحت أي خطر، وتركونا دروعا بشرية”.
الضغاطة.. آلة تعذيب حوثية
وفي سجن الأمن السياسي الذي نقل إليه الزيادي بعد اشهر قضاها في البيوت المخفية يقول: “وضعونا خمسة أشخاص في زنزانة واحدة، ثم تم نقلي إلى مكان ما يسمى بـ( الضغاطة) وهو من أسوأ الأماكن التي سجنت فيها، وهو عبارة عن غرفة أربعة في خمسة متر فيها أربعة عشر سجينا، لا يوجد فيها تهويه، ومظلمة ليلا ونهارا”.
ويضيف:” كنا نشرب من قصبة الحمام وقد كان الماء ملوث جدا ومتغير اللون والرائحة، كذلك كان الطعام رديء جداً وطباخته كذلك سيئة جدا، ومن رداءة الغذاء هناك اثنان من المختطفين معنا أصيبوا بالمغص الشديد والإسهال فقضوا حاجتهم بجانبنا بنفس الزنزانة بسبب منعهم من دخول الحمام، واستمر” البراز” بجانبنا إلى حين فتح الحمام”.
ويشير إلى تعامل السجانين القاسية مع المختطفين وإهانتهم بالسب والشتم في الشرف والعرض، وكانوا مقومون بتفتيشنا في ساعة متأخرة من الليل ومقومون بتفتيشنا كاملا بما فيه أماكن عوراتنا”.
عقاب جماعي
ويتذكر الزيادي أحد المواقف القاسية عليهم في المعتقل فيقول:” في هذه الزنزانة صارت حادثة لا تنسى في أواسط العام 1017م أخبرونا أن بئر الماء تعطل فانعدم الماء في السجن إلا ما كان يأتي ممن يقومون بزيارتنا، إلى أن وصل بنا الحال أن يشرب كل واحد منا غطاء دبة فقط، وقد كان منا 22 سجيناً في زنزانة واحدة مساحتها تقدر بمتر ونصف في ستة أمتار، وكان هناك فقط فتحة صغيرة في أسفل الباب المدرع هي التي نتحدث منها مع من في خارج الزنزانة، وهذا متعمد أن ننزل رؤوسنا حين مخاطبتهم، أو أخذ شيء منهم.
ويشير إنه في إحدى الليالي دخل مدير السجن يحيى سريع ( غير الناطق العسكري للمليشيا) وينتمي إلى بني حشيش إذ أخذ الأدوات المخصصة للشرب بعد أن طالبنا بالماء، وكان معه 30 عسكريا من أتباعه وأنهال علينا بالسب والشتم، وكان أحد السجناء نائماً، وحين صحا اعترض على أخذ مياه الشرب فتم إخراجه وضربه من قبل مدير السجن وعساكره، وقيدوه وسجنوه في زنزانة انفرادية في البدروم، وأعادوه إلينا بعد 23 يوما قضاها في الزنزانة لمجرد أنه اعترض فقط على أخذ ماء الشرب الوحيد الذي معنا، وعند عودته كانت آثار الضرب والتعذيب والجروح واضحة على جسده، واستمرت معاناتنا لأكثر من أسبوعين بسبب انعدام الماء.
يضيف عبده الزيادي:” إن مرض أحدنا لم نكن نمتلك الحق بأن نخبرهم بأن هناك مريضاً، بل “إنهم كانوا يعذبون ويضربون كل من يقول أسعفوا فلان إنه مريض، وهناك من السجناء من فارق الحياة بسبب مرضه بالربو وغيرها من الأمراض، حتى أنه كان أحد السجناء مريضاً بالقلب ولقربنا من أماكن الحمامات كان هذا المريض يتأثر من الرائحة الدائمة الكريهة وطالبنا بتشغيل الشفاطات(المراوح)، فهددنا السجان إن لم نتوقف سوف يشعل النار بنا، ولكنه عاقبنا بأن أغلق علينا النافذة الوحيدة وكان الجو حارا مما زاد من معاناتنا”.