في همدان، إحدى مديريات صنعاء، يعود الإقطاعيون مجددًا بجنودهم وعساكرهم وسلاحهم، وهذه المرة صوب قرية ومنازل أسرة السياسي اليمني والقاضي المعروف عبدالوهاب محمد قطران..!
قطران الذي ترك السياسة وتجنب الكتابة وجلس في بيته لم يُترك في شأنه، حملات عسكرية -دورية- تهاجم بيوته وبيوت أشقائه ووالده وتقتحمها، مجاميع نسائية مسلحة بالكراهية تعبث بالبيوت وتنتهك حرمتها بطريقة أكثر بشاعة من الرجال..!
قطران الذي اعتزل الفيسبوك والسياسة والحياة، وبقي مدافعًا عن وجوده وأرضه وحق أبنائه، خرج قبل قليل وكتب عن هجوم الإقطاعيين على أملاكه وبيوته وقريته..
كتب منشورات ونشر التفاصيل وأرفق الصور..!
كل التضامن يا قاضي عبدالوهاب، كل التضامن..
تدري يا قاضي:
هم جبناء حقًا..! ولكن، كيف يستطيع رجل ساكت ومعتزل أن يخيف أصحاب البنادق؟!
صدقني، هم يخافون أن يقفز هذا الصامت في وجوههم ذات يوم ليعلن ثورة جديدة من التحدي وصرع الظلام..!!
* * *
ردًا على فكرة التشفي السياسي..!
مجددًا.. عبدالوهاب قطران..
ذات يوم تناقشت مطولًا مع السياسي اليمني عبدالوهاب قطران، وفي ثنايا النقاش أصررت على إجابة واضحة منه، عن دوافع تصدره للترويج السياسي لمشروع الحوثي فيما مضى، ومعارضته له اليوم، بل وتجاهله لإغراءات وامتيازات سياسية كبيرة مقابل التماهي السياسي معهم.. بل ولمحاولاتهم المستمرة للنيل منه، ابتسم نحوي وقال: ظنناهم تعبيرًا صادقًا عن الفقراء وثورة حقيقية عن الكادحين، لكنهم بعكس ذلك كله، الى جانب هذا، لم يترك لنا الطرف الآخر خيارًا مختلفًا وأملًا آخرًا للفهم السياسي، للانحياز له، لكنهم في الأصل جماعة أصولية إمامية وإمتداد ماضوي عن التخلف والزيف والبهتان، وعقدة تاريخية لا تتوقف عن إبادة حياة شعب بأكمله..!
عبدالوهاب قطران، السياسي الماركسي والصوت العنيد، قدم للحوثية يومين من حياته، هذا بلا شك، لكنه اليوم يقضي حياته في صنعاء مناضلًا رافضًا للحوثية واحتكارها وفسادها..
ومن صنعاء لا يزال يدعو لتغييرهم شعبيًا، ولا يزال يرفضهم ويرفض فكرة الخوف من أساسها، وسيرفض لأجلها مساواة الهزيمة، يقضي قطران أيامه في حال سبيله، هكذا كل يوم، في الزراعة والأسرة والانشغالات، لفترة وجيزة، ثم يعود للكتابات السياسية المؤرقة لسلطة لا تخاف من عدوان العالم برمته بقدر خشيتها من موجة عابرة يصنعها أربعة أقلام في الداخل..
لم يتحملوا صوته كثيرًا، يومها خرجوا من متارسهم لاعتقاله، أحاطوا بيته بمصفحات ومدرعات وجنود مدججين، أخذوا قطران واعتقلوه، وحاولوا ثنيه عن طريقه، لكنه رفض، غيبوه بعدها لأيام، خلالها تجمع النشطاء والمتابعون وقرروا الخروج لإطلاق سراحه، أطلقوه بالفعل، لم يكن بمقدور أولئك مواجهة تنامي الفعل الرافض لاعتقاله، ربما ستكبر عليهم في آخر الأيام..!
ذات يوم استطاعوا بحيلة شخصية استضافة قطران في لقاء تلفزيوني بعد عشرات المحاولات المرفوضة، أدخلوه استديوا اللقاء بحيلة للحديث عن الواقع السياسي اليمني، اشترط عليهم وحذرهم من قصقصة الحديث، وافقوا ثم بدأوا، لم يلبث قطران دقائق حتى رفع سقف معارضته كاشفًا حقائق سياسية وقضايا فساد بالمليارات، تحدث عن كل الأمور بجراءة لم يسبق لأحد قولها في عقرهم، انتهى اللقاء، ابتسموا له ثم غادر، وفي اليوم التالي عرضوا اللقاء مقصقصا كوجوههم.
خرج عليهم قطران متسائلًا: لماذا تحاولون إذًا مجاراتنا وأنتم تخشون الحقيقة، ثقوا بهذا، ستزولون بأسرع مما تتخيلون..!
قطران الذي تفرغ أخيرًا لقراءة العالم وسياسته ومجلداته يؤمن في قرارة قلبه وقناعته بدولة قادمة، قوية وآمنة على أنقاض هؤلاء الذاهبين، دولة ربما سيتكفل الوعي العام بصناعتها..!
لكنه اليوم في مواجهتهم بمفرده، يناضل لأجل حقه وأرضه، ومع هذا لا يزال الطرف الآخر يتعاطى مما يحدث معه بتشفٍ واضح..!
التشفي في السياسة غباء لا يدرك عواقبه الأغبياء، الا إنصاف في السياسة تطرف لا يغير حقيقة واحدة، حقيقة رجل عزيز ومناضل وشريف، ومدافع عن أرضه في أرضه وبيته..!
* من منشورات الكاتب على صفحته في الفيس بوك