الحملة الإعلامية الإخوانية المتواترة ضد دول التحالف العربي ليست جديدة فهي تعود إلى فترة مبكرة منذ ما بعد انطلاق “عاصفة الحزم”، وربما قبلها، لكنها تتكشف كل يوم عن جديد يبين ليس فقط ما يعتقده الإخوان المسلمون مؤامرة عليهم، بل وما في عقولهم الباطنة والظاهرة من خفايا لا يستطيعون كتمانها، ويضع علامة سالب (-) أمام كل كلمة ظل الإخوان يتغنون بها وكل عبارة شكر ظلوا يرددونها لدول التحالف العربي وخصوصا المملكة العربية السعودية.
ملخص القضية الجديدة التي ترددها وسائل إعلام الإخوة الإصلاحيين فحواها إن الحرب في اليمن ليست يمنية بل هي صناعة سعودية الهدف منها ضرب الإصلاح بالحوثيين ثم ضرب الحوثيين بالإصلاح والتخلص من الاثنين ليسهل للسعودية السيطرة على اليمن.
تقول التفاصيل إن السعودية هي من سمحت للحوثيين بالوصول إلى عمران، ثم بالوصول إلى صنعاء والغرض منها مواجهة الإخوان المسلمين، واستنزاف الطرفين في حرب لا تتوقف حتى ينتهيا وتتخلص السعودية منهما.
هذا بالضبط ما ردده إعلامي معروف من مؤيدي التجمع اليمني للإصلاح من على قناة بلقيس التي يعرف الجميع من تتبع ومن تؤيد ومن يمولها.
ويضيف صاحب النظرية، إن الإصلاحيين اكتشفوا المؤامرة التي تدبر ضدهم فلم ينخدعوا بالاستدراج إلى خوض المعركة ضد الحوثيين، وتركوا السعودية تواجههم وحدها حتى تتورط في مخططها لنفسها.
الكثير من المدركين لتفاصيل المشهد السياسي والمتعمقين في ثناياه الخفية والعارفين بمنهجيات الإخوان المسلمين، توقعوا هذا الأمر مبكرا، لكن الغالبية العظمى من اليمنيين البسطاء كانوا يصدقون برقيات الثناء وخطابات الشكر ورسائل الامتنان والعرفان التي ظل وما يزال قادة الإصلاح يتوجهون بها إلى قيادة المملكة العربية السعودية، وسيتفاجأون عندما يكتشفون هذه الحقيقة المرة.
هذا الكلام يأتي بعيد تمكن العديد من القيادات الإصلاحية من الإفلات من السعودية والوصول إلى اسطنبول، وتوجه أسماء قيادية نافذة في الحزب بالدعوة إلى البحث عن حلفاء جادين، كما جرى مع “ناجورني كاراباخ” في تأكيد لما سبق أن طالب به بل وصرح به البعض بأن تركيا جاهزة للتدخل في اليمن.
ما وراء سطور هذه الطبخة الإعلامية يمكن تلخيصه في ما يلي:
• إن الإصلاح ليس طرفا في الحرب ضد المشروع الحوثي-الإيراني في اليمن.
• إن كل القوات العسكرية التابعة للتجمع اليمني للإصلاح لم تخض أي معركة جادة ضد الحوثيين وإنها السبب في كل الهزائم التي ألحقت بما يسمى بـ”الجيش الوطني” وبالأحرى في ما حققه الحوثيون من انتصارات.
• إن الحوثي ومن ورائه إيران ليس عدوا للإخوان الإصلاحيين.
• وإذا ما استرجعنا كل الحملات الإعلامية الإصلاحية ضد التحالف العربي، وضد السعودية على وجه الخصوص الصادرة من اسطنبول وأنقرة والدوحة وغيرها، فهذا يعني أن الإصلاح يتبرأ من كل المواثيق والاتفاقات التي عقدها مع السعودية أو برعاية السعودية، ولا نتحدث عن دولة الإمارات فهي عدو معلن بالنسبة للإخوان الإصلاحيين.
• وفي هذا السياق يمكننا استنتاج لماذا يتهرب الإصلاحيون من تنفيذ اتفاق الرياض ويفتعلون مختلف الحجج الواهية والمبررات الزائفة لعدم تشكيل حكومة التوافق التي نص عليها الاتفاق، فهم إذ يعلنون أي شيء يطلبه منهم التحالف العربي فإن أبصارهم وعقولهم تتجه إلى مكان آخر يقع على بعد آلاف الكيلومترات شمالا وسط هضبة الأناضول بين البحرين الأسود والأبيض.
كنا بكل تواضع قد قلنا مراراً إن الأشقاء في التحالف العربي قد اتكأوا على حائط رخو لن يصمد طويلا أمام الأثقال التي يتطلبها مشروع يستهدف تخليص اليمن من تبعات التدخل الإيراني ومن ثم تأمين أجواء وبحار وأراضي المنطقة من مخاطر هذ التدخل، وقلنا أن الأشقاء يراهنون على حصانٍ خاسرٍ في هذه المعركة، وها هي الأيام تبرهن ما قلناه
لقد آن الأوان للأشقاء في التحالف العربي أن يعيدوا النظر في الكثير من رهاناتهم بما في ذلك إعادة جرد حساب الأرباح والخسائر التي حصدوها خلال ست سنوات، وتقدير ماذا ستسير عليه الأمور في اليمن إذا ما استمر تدفق الأسلحة والأموال وطائرات الدرون القطرية – التركية إلى مناطق الجنوب التي حررها أبناؤها بأرواحهم ودمائهم وبدعم ومساندة الشقيقتين في الإمارات والسعودية.
أما الرهان على صناع ومسوقي نظرية المؤامرة، فقد تبين أن الرهان عليهم هو كالرهان على الماء في السراب.
*من صفحة الكاتب على الفيس بوك