عراقيل حوثية تحول دون توزيع المساعدات الإنسانية في الجوف
قبائل اليمن /الشرق الأوسط
أفادت مصادر يمنية، محلية وأخرى عاملة في برنامج الأغذية العالمي، بأن عراقيل حوثية جديدة حالت قبل أيام دون توزيع المساعدات الإنسانية في مديرية المتون التابعة لمحافظة الجوف (شمال صنعاء)، وذلك بعد أن اشترط مسلحو الجماعة الحصول على 50 في المائة من إجمالي المعونات.
وأكد عاملون محليون في البرنامج الأممي لـ«الشرق الأوسط» أنهم تلقوا خلال الأسبوع الماضي عشرات الشكاوى بسبب الإجراءات الحوثية الرامية إلى مقاسمة سلال الغذاء التي يتم توزيعها من قبل البرنامج على المحتاجين في مديرية المتون بمحافظة الجوف.
وذكروا أن آلاف المستفيدين بالمديرية ذاتها كانوا يتسلمون سلالهم الغذائية بانتظام منذ مطلع 2016، عقب تحريرها آنذاك من الجماعة، قبل أن تعود الجماعة لمحاولة نهب هذه المساعدات منذ سيطرتهم قبل أشهر على الجوف، ومديرية المتون على وجه التحديد.
وفي حين دفع تعسف الميليشيات الحوثية -بحسب المصادر- برنامج الغذاء العالمي لوقف صرف الإغاثة المخصصة لنحو ألف مستفيد كان من المقرر توزيعها الأحد الماضي، تحدثت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن ما يسمى «مجلس تنسيق الشؤون الإنسانية» التابع للحوثيين بالمحافظة اشترط استقطاع نصف المواد الغذائية المخصصة لكل أسرة مستفيدة، مقابل منح البرنامج ترخيص النزول والشروع في صرف المساعدات.
وعلى الصعيد ذاته، استنكر السكان بمديرية المتون ابتزاز وعرقلة الميليشيات لصرف المساعدات الخاصة بهم، وقال بعضهم لـ«الشرق الأوسط»: «إن الميليشيات لها باع طويلة في نهب وسرقة المساعدات الإغاثية المخصصة للفقراء والنازحين، ليس في الجوف وحسب ولكن في جميع المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرتها».
وطيلة الأعوام الماضية من عمر الانقلاب، لم تكتفِ الجماعة بنهب المدنيين بمناطق سيطرتها، بل توسعت في ذلك لتطال انتهاكاتها المنظمات الدولية الإغاثية والإنسانية والصحية، من خلال سلسلة من حملات الابتزاز والتعسف وتضييق الخناق عليها، بغية التحكم بطبيعة أعمالها ونهب أموالها ومساعداتها المقدمة لليمنيين الأشد فقراً.
وكان مسؤول في الحكومة اليمنية طالب، الأسبوع الماضي، المنظمات الأممية والدولية بتغيير مسار عملها وأنشطتها للحد من الانتهاكات المتصاعدة التي تمارسها ميليشيات الحوثي الإرهابية بحقها.
وأشار المنسق العام للجنة العليا للإغاثة في اليمن، جمال بلفقيه، في تصريحات رسمية إلى ضرورة تغيير مسار العمل الإنساني من قبل المنظمات الأممية والدولية، بما يضمن وصول المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى مستحقيها في مختلف المناطق اليمنية المتضررة.
وأوضح أن الحكومة اليمنية، عبر اللجنة العليا للإغاثة، تقدمت بكثير من المقترحات من أجل اتباع اللامركزية في العمل الإنساني والإغاثي لتفادي الانتهاكات المستمرة التي تمارسها الجماعة بحق العمل الإنساني منذ 2015 حتى اللحظة.
وقال المنسق العام للجنة العليا للإغاثة إن على المنظمات الأممية والدولية البحث عن آلية لضمان الحد من الانتهاكات الحوثية ضد المشاريع الإنسانية في اليمن، وليس الذهاب إلى تقليص المنح والبرامج الإنسانية عن الشعب اليمني الذي يمر بظروف إنسانية صعبة.
وأشار إلى أن 80 في المائة من المساعدات الإنسانية المقدمة من المنظمات والجهات المانحة تصل إلى ميناء الحديدة الخاضع لسيطرة الميليشيات، الأمر الذي يجعلها معرضة للنهب والاستيلاء عليها دون أي محاسبة.
وبيّن أن التقارير الدولية تؤكد أن المنظمات الأممية لا تستطيع الوصول إلى أكثر من 5 ملايين شخص من المحتاجين الذين ينتظرون وصول المساعدات لسد جوعهم في مناطق سيطرة الحوثيين.
ولفت المسؤول اليمني إلى أن مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة ليسا المنافذ الوحيدة التي يمكن الاستفادة منها لإيصال المساعدات الإنسانية إلى القاطنين في مناطق الميليشيات، مشيراً إلى أن هناك نحو 22 منفذاً برياً وبحرياً وجوياً يمكن الاستفادة منها لإيصال المساعدات وتوزيعها عبر خطة لا مركزية على المحافظات اليمنية لضمان وصول المساعدات للمستحقين.
وكانت تقارير محلية وأخرى دولية كشفت في أوقات سابقة عن شكاوى لكثير من المنظمات الأممية الإغاثية والصحية والحقوقية وغيرها من تدخلات الحوثيين في عملها، وصولاً إلى نهب المعونات الغذائية والصحية المخصصة لملايين اليمنيين المحتاجين، وتحويلها لتمويل أنشطتهم المسلحة وبرامجهم العنصرية.
وفي منتصف سبتمبر (أيلول) الحالي، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش: «إن جماعة الحوثي تقيّد بشدة إيصال المساعدات التي تشتد الحاجة إليها في اليمن، ولديها سجل فظيع في منع وكالات الإغاثة من الوصول إلى المدنيين المحتاجين، وبعض أسباب ذلك تحويل المساعدات إلى مسؤولي الحوثيين وأنصارهم ومقاتليهم».
وأفاد التقرير بأنه في عامي 2019 و2020، اضطر عمال الإغاثة إلى التراجع أمام المسؤولين الحوثيين الذين أصروا على أن تسلم لهم الأصول، مثل السيارات وأجهزة الكومبيوتر المحمولة والهواتف المحمولة، في نهاية المشاريع.
وتصف الأمم المتحدة اليمن بأنه يشهد أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث يحتاج 80 في المائة من سكان البلاد، البالغ عددهم 30 مليون نسمة، إلى شكل من أشكال المساعدة.
وكانت الأمم المتحدة أعلنت قبل أيام عن إغلاق 15 برنامجاً للمساعدات الإنسانية في اليمن جراء نقص التمويل. وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ليز غراندي، في بيان لها، إنه «تم إغلاق 15 (من أصل 45) برنامجاً إنسانياً رئيسياً للأمم المتحدة في اليمن، فيما قد يلقى 30 برنامجاً المصير نفسه خلال أسابيع مقبلة، ما لم يتم تلقي تمويل إضافي».