الحوثيون يتعجَّلون “مغفرة” أمريكا…ما الذي “تراجعه” إدارة بايدن؟
قبائل اليمن / أمين الوائلي
لم تخفِ شخصيات قيادية في المليشيات الحوثية مشاعر الابتهاج بالمعلومات القليلة الواردة من واشنطن حول توجُّهات الإدارة الأمريكية الجديدة، ومنها مراجعة قرار تصنيف الجماعة منظمة إرهابية. سلوك المليشيات الذي يتعلق بحبال الرضا الأمريكي لا يمكن التكتم عليه بسهولة.
وعلى النقيض تماماً من الخطاب الموجَّه للأتباع والعامة لأغراض التحشيد والتعبئة في الداخل وإلى الجبهات، فإن الحوثيين استفادوا كثيراً، ولوقت طويل، من دعم أمريكي بقي متواصلاً حتى 2015، كما أقر مؤخرا مسؤولون بارزون ونقلت عنهم وسائل إعلام أمريكية وعالمية.
الإحتفال الحوثي بالمراجعة أو إعادة النظر فيما يتعلق بقرار التصنيف يسلط الضوء على مساحة كبيرة من النفاق والأكاذيب في سلوك وعمل المليشيات الإيرانية، التي ترفع شعارات الموت والعداء لأمريكا كعقيدة وإيديولوجيا حركية، في الوقت الذي تقدم نفسها للأمريكيين وكيلاً محلياً يعرض خدماته تحت عنوان محاربة الإرهاب، وأسقط في أيديهم مرة واحدة تصنيفهم أمريكياً بالإرهاب.
تسقط كل شعارات وأقنعة الزيف عندما يتعلق الأمر بغضب أو تعكر المزاج الأمريكي. حجم الصدمة والهلع جراء قرار التصنيف لا يكاد يوازيه أو يساويه حتى مقدار الاستبشار وعودة الرمق من التفاؤل إزاء الحديث عن إعادة النظر والمراجعة.
قال الوزير المرشح للخارجية بلينكن في نقاشه مع أعضاء الكونغرس، خلال جلسة استماع لتثبيت التعيين، إنه مع إعادة النظر (فيما إذا كان قرار تصنيف جماعة الحوثي منظمة إرهابية سيعيق المساعدات المقدمة للشعب اليمني).
لا يتعلق الأمر مباشرة بالتصنيف من عدمه، وإنما بمسار المساعدات الإنسانية، وهذا بالمناسبة يعطي إفادة مضافة حول خلفيات عمل مجموعات الضغط ومنها المنظمات الأممية والإنسانية والتي تستخدم الملف الإنساني والغذائي ذريعة قصوى للدفاع عن عدم تصنيف المليشيات الانقلابية وجرائمها وممارساتها التي قوَّضت السلام والدولة والتعايش في اليمن، وتتحمل مسؤولية كل هذه المعاناة والأزمات.
ومن غير الوارد أن تقدم وزارات الخارجية والخزانة في أمريكا على أخذ قرار كهذا تطلب الوصول إليه شهوراً طويلة من الإعداد والمرافعة من دون أي تفاهمات في المسار التنفيذي حتى يكون التراجع عنه بهذه السهولة أو إبطاله كلياً ما سيوفر سابقة من نوعها في السياسة الأمريكية.
ومهما يكن من أمر سوف ننتظر ونرى ما سيحدث، لكن على البنادق الأجيرة للإيرانيين أن لا تتوقع الكثير. فالشعب اليمني، وسواءً فهم أو لم يفهم الديمقراطيون أو الجمهوريون وساكن البيت الأبيض أياً كان هذا الواقع، لا ينتظر من أمريكا أن تقرر نيابة عنه بينما يكتوي بنار الإرهاب والتوحش والاستبداد والقمع والممارسات التسلطية من قبل جماعة تفرض نفسها وتلغي الجميع بقوة الحديد والنار.
في الحقيقة، كما يجدر أن لا ننسى أخيراً، فإنه ليس للحوثيين موقف أو قيمة في حيز يخصهم إلا بالتبعية للإيرانيين، الذين يعولون أيضاً -أكبر وأكثر- على تغيير كبير يطرأ في السياسة الأمريكية بوصول الديمقراطي جو بايدن إلى المكتب البيضاوي.
الفكرة تتلخص ببساطة في المقاربة الحمقاء التالية: على البيت الأبيض والولايات المتحدة التضحية بالعالم والمنطقة لعيون إيران وأذرعها الأجيرة حتى تتمتع بامتيازات التخريب وإشعال الحرائق في كل اتجاه تحت رايات وصرخات الموت لأمريكا.