إيران تناقش عبر حاكمها بصنعاء مكاسبها في إعمار اليمن (تقرير مفصل)
قبائل اليمن / أحمد فؤاد
مبكراً بدا القيادي في الحرس الثوري الإيراني حسن إيرلو، يمارس سلطاته كحاكم فعلي مباشر لبلاده على العاصمة العربية صنعاء، بعد 5 سنوات على انقلاب مليشيا الحوثي المدعومة من إيران واستيلائها على مؤسسات الدولة في سبتمبر 2014م.
منذ إعلان وصوله صنعاء بطريقة مشبوهة، وتسليم أرواق اعتماده (صورياً) لسلطات الانقلاب والحكومة غير المعترف بها في صنعاء أواخر أكتوبر الماضي، يستقبل حاكم إيران يومياً وزراء ومحافظين ومسئولين (مفترضين) في صنعاء وسط إجراءات أمنية مشددة وانتشار عسكري لافت.
من السياحة والإعلام إلى الاقتصاد التجاري، ومن الرعاية الصحية ومكافحة الأوبئة في الأرياف، إلى الميكنة الزراعية ومكافحة التصحّر، يخوض القيادي الإيراني حسن ايرلو في الشأن اليمني بتفاصيله الدقيقة وتاريخ حضارته الضارب في أعماق التاريخ في مجالات الزراعة والبناء والتشييد.
الثلاثاء 22 ديسمبر/ كانون الأول 2020م، يعلن في صنعاء التقاء “القائم بأعمال وزير السياحة أحمد العليي مع السفير الإيراني لدى اليمن حسن إيرلو، لمناقشة مجالات التعاون بين البلدين في المجال السياحي”.
اليوم تظهر صنعاء الزاخرة بالمعالم الأثرية والسياحية والموروث الشعبي الوفير، صنعاء أقدم مدن الأرض، والمدرجة على قائمة التراث العالمي – كما لو أنها- محتاجة لمناقشة سبل الاستفادة من “تجربة إيران في الجوانب السياحية”.
لا تتوقف الصفاقة السياسية الإيرانية عند هذا الحدّ، فها هو إيرلو يستبق الأحداث متحدثاً عن مرحلة إعمار اليمن، ما بعد الحرب، مبدياً “استعداد إيران للتعاون مع اليمن في مجال إعادة الإعمار وتقديم الخبرات الفنية والهندسية وفقا للإمكانيات المتاحة”.
وفي لقائه بنائب وزير الأشغال العامة والطرق المهندس محمد الذاري، في حكومة الانقلاب الحوثي، منتصف ديسمبر/ كانون الأول الجاري لم يأل القيادي الإيراني إيرلو جهداً في استعراض “التجربة الإيرانية في مجالات إعادة الإعمار والطرق والجسور والإسكان”.
في 9 ديسمبر/ كانون الأول 2020م، أكد إيرلو خلال لقائه وزير الصناعة والتجارة في صنعاء، حرص بلاده “على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة المجالات ومنها القطاعات الصناعية والتجارية”، وبالمثل يوم 20 ديسمبر في المجال الإعلامي مع القيادي الحوثي ضيف الله الشامي وزير الإعلام في صنعاء.
القيادي الحوثي طه المتوكل، المعيّن بمنصب وزير الصحة، أكد من جانبه في لقائه بالحاكم الإيراني يوم 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020م، “حرص اليمن على تعزيز التعاون بين البلدين والاستفادة من التجربة الإيرانية في القطاع الصحي خاصة في الرعاية الصحية الأولية والعامل المجتمعي والوصول بالخدمة الصحية للأرياف ومكافحة الأوبئة”.
وكشف المتوكل تلقي جماعته دعماً إيرانياً غير معلوماً لمواجهة فيروس كورونا المستجد covid-19، “مشيدا بوقوف إيران إلى جانب اليمن في مواجهة كوفيد 19″، حسبما أوردته وكالة سبأ الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي.
وفي سياق متّصل، كان القيادي في مليشيا الحوثي، نبيل الوزير، قبل إقالته من منصب وزير الزراعة، اكد هو الآخر في لقائه بـ(إيرلو) يوم 23 نوفمبر/ تشرين الثاني، “حرص اليمن على الاستفادة من الخبرات الإيرانية في الجانب الزراعي خصوصا في البحوث والميكنة الزراعية ومكافحة التصحر لتجربتها في هذه المجالات”.
وقبلها بيوم واحد كان هشام شرف عبدالله، المعيّن بمنصب وزير الخارجية في صنعاء، يستقبل القيادي في الحرس الثوري الإيراني حسن ايرلو، وفي اللقاء أشار هشام شرف إلى أن “التعاون الأكاديمي مع إيران يحتل أولوية حيث تقدم طهران منحا دراسية في الجامعات الإيرانية لمختلف المستويات بكالوريوس وماجستير ودكتوراه”.
هكذا إذاً تبدو صورة صنعاء في زمن مليشيا الحوثي ساحة مفتوحة للتجارب الإيرانية، ومنصة لاستعراض نفوذ إيران السياسي والإداري، وتوسيع أنشطتها التخريبية والاستفزاية لدول وشعوب المنطقة، وتبدو إيران -كما لو أنّها- باتت (وصياً) حصرياً على صنعاء واليمن لمرحلة ما بعد الحرب.