نهض من وسط الحضور فجأة والدموع تنهمر على خديه، وصاح بصوت مبحوح خرس له كل من في المجلس: ألم أقلكم يا «مشرفين» ويا مشائخ ويا مسلمين، أن ولدي لا يزال صغيراً على القتال، وأنه لم يكمل دراسة صفه الثامن بعد، ولا يعي من الحياة شيء؟!.
ثم أدار وجهه إلى الجهة الأخرى من المجلس، وأضاف: وأنت يا «ناجي» ألم تؤكد لي عندما أخذتموه أنه سيلتحق بدورة تثقيفية فقط، ووعدتني وأقسمت بأن تعيده إلينا سالماً معافى.. فكيف تجيئوني اليوم بأشلائه؟!
واستطرد بصوت باكٍ متهدج أجش وهو يمسح دموعه: كيف اقتدتم ولدي الطفل إلى حتفه وأنتم تعلمون أنه وحيدي وليس لي سواه، في حين أولادكم شباب أكبر منه، وبينهم رجال متزوجين جالسين هانئين بين أحضان أمهاتهم وزوجاتهم؟
ساد الصمت والوجوم المكان المكتظ بالمعزين لبرهة ممتدة من الزمن.. تهامس خلالها المشرف والشيخ فيما بينهما خفية.. وفجأة نهضا معاً ومعهما نهض عشرات المرافقين المدججين بالأسلحة.. وقبل مغادرتهما قال «المشرف» مخاطباً الأب المكلوم: نحن مقدرين يا حج «صالح» حجم مصابك، وندرك أنك لا تزال حزين ومصدوم بالخبر، ولذلك نعذرك على كلامك.. وعلى كل حال نستأذنك الآن وسنعود لمواساتك في وقت آخر.
ثم غادرا وتبعهم جميع الحضور، تاركين الأب المفجوع يكابد أحزانه وحسراته وينتحب وحيداً..!!
**القصة حقيقية لأحد الآباء في محافظة «صنعاء».
* من صفحة الكاتب على الفيسبوك