قبائل اليمن / متابعات
كشفت مستجدات في التحقيق بملف الداعية الهندي الإسلامي المتشدد، ذاكر عبداللطيف نايك، الملتجئ بماليزيا، عن وجود برنامج عمل مكتوم تتشارك فيه تركيا وقطر وماليزيا وباكستان، وتمول فيه الدوحة أكثر من أجندة تحت مظلّة ما يسمى بـ ”رباعي الدول الإسلامية“.
وكشفت ورقة بحثية، للمحامية الأمريكية الناشطة في قضايا الأمن وحقوق الإنسان، إيرينا تسوكرمان، نشرها الخميس مركز (بي اي اس اي/ بيسا) للدراسات الاستراتيجية، تفاصيل متسلسلة من تلك الأجندة.
وقالت إن ”بذرتها زرعها أمير قطر السابق الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني في ترتيباته مع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي؛ من أجل إسقاط النظام السعودي، وتقسيم المملكة“.
وأضافت تسوكرمان، أنه ”ومنذ ذلك الحين، عملت أدوات الضغط القطرية على تمويه التاريخ الطويل والعمق الاستراتيجي لهذه العلاقات بين تحالف رباعية الدول الإسلامية، وذلك بإعادة صياغة السرد وبالتركيز على أزمة الخليج 2017“.
وجاءت التحقيقات الأخيرة في قضية الداعية ذاكر نايك، الذي تتهمه بلده الهند بالشحن الإرهابي وتبييض الأموال، وهو الذي يروج للرئيس التركي رجب طيب أردوغان كخليفة للمسلمين، لتكشف الجديد في تحالف ”رباعية الدول الإسلامية“، الذي جرى إشهاره في مؤتمر كوالالمبور، في شهر ديسمبر 2019، ليكون في مواجهة الرباعية العربية (المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين)، التي تآلفت على معارضة الإرهاب وأعلنت مقاطعتها لقطر على هذه الخلفية، كما قال التقرير.
وتصادفَ تقرير التمويل القطري لبرنامج تحالف“ الرباعية الإسلامية“ في استهداف السعودية، مع زيارة للدوحة، يوم الخميس، قام بها الرئيس التركي أردوغان، مصحوبا بمدير المخابرات ووزراء الدفاع والمالية.
كما تزامن مع تحقيقات أمنية تجريها السلطات الكويتية مع ناشطين، أظهرت تسجيلات من ما يعرف بـ ”فيديوهات خيمة القذافي“ تسربت مؤخرا، أنه ربما كانت لهم علاقات مع المخطط القطري- الليبي ضد النظامين السعودي والكويتي، ولنشر الفوضى في الخليج.
تنسيق طويل سبق قمة كوالالمبور
ويكشف التقرير أن الإعلان الرسمي عن تشكيل رباعية الدول الإسلامية، في مؤتمر كوالالمبور، نهاية العام الماضي، لا يقلل من حقيقة أن هذه الدول ”أمضت سنوات في صياغة العلاقات وجداول الأعمال المشتركة“.
فالعلاقات بين تركيا مع باكستان تنامت باضطراد في مختلف المجالات. وهناك أكثر من 1000 عسكري باكستاني يتدربون في تركيا، فيما يتوافق البلدان على التعاون مع إيران في قضايا عديدة، ذات صلة بالأمن والأقليات والإرهاب، كما يعرض التقرير.
وفي جانب العلاقات بين ماليزيا وإيران، يسجل التقرير نماذج من التعاون الوثيق، حيث يقيم عدد كبير من اللاجئين الإيرانيين الذين يخضعون لمراقبة مشتركة من عملاء الحرس الثوري الإيراني وموظفي المخابرات الماليزيين.
وبالمثل، وسعت ماليزيا وتركيا علاقاتهما العسكرية على مدى السنوات الماضية. كما يقوم تنظيم الإخوان المسلمين، الذي يحظى برعايات من قطر وتركيا وماليزيا، بدور حقيقي في الترويج للإسلام السياسي، وفي تشكيل أحزاب محلية تتبنى هذا النهج الذي يشير التقرير إلى أنه نهج تقف خلفه قوى ”الإسلاموية العالمية“.
ويضع التقرير شخص الداعية الهندي ذاكر نايك في وسط هذه الحلقة من المروجين لتسييس الدين وتوظيفه في التطرف والإرهاب. فقد هرب نايك من تهم الرعاية أو المشاركة في أكثر من عملية إرهابية بالهند وشرق آسيا، وتواسطت له باكستان ليقيم في ماليزيا، علما أنه متهم أيضا بتبييض 28 مليون دولار.
وكانت بريطانيا قد ألغت ترخيصا لقناة فضائية باسم ”تلفزيون السلام“، منحته لنايك من خلال ”مؤسسة البحوث الإسلامية“ التي أنشأها بتمويل عبر فرع بنك الريان القطري.
وكان نايك قد زار الدوحة بشهر مايو 2016، وألقى محاضرة أثارت في حينه جدلا بدعاويه المتطرفة.
محاولة اغتيال ولي العهد السعودي
ويسجل التقرير أن ”جوهر التركيز القطري على مواجهة النفوذ السعودي يعود إلى عقدين، وأن عملية طعن الشقيقة الأكبر من الخلف بدأت فعلا عام 2003، عندما استغلت قطر سوء تفاهم بين الرئيس الليبي معمر القذافي وولي العهد السعودي آنذاك الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، في قمة شرم الشيخ، وعملت على تأجيجه ليتفاقم“.
وحسب التقرير، دبر القذافي وقطر مؤامرة تضم نشطاء مرتبطين بتنظيم القاعدة، بينهم ليبيون وسعوديون، والأمريكي المسلم من أصل إريتري، عبدالرحمن العمودي، وذلك من أجل اغتيال ولي العهد السعودي، في نوفمبر 2003، أثناء زيارته لمنطقة القصيم.
وأضاف أن المؤامرة المعقدة تفرعت إلى معسكرات تدريب في السودان ولبنان، وحتى في إيران، حيث خطط العديد من عناصر القاعدة للسفر والإقامة.
ويستعيد التقرير تسجيلات سرية قال إن السعودية حصلت عليها في حينه، تتضمن محادثات سرية بين القذافي وأمير قطر آنذاك حمد بن خليفة، حيث رسموا سيناريوهات لإسقاط النظام السعودي، من خلال مشروع يستغرق 12 عاما لإنهاء المملكة وتقسيمها إلى كيانين.
أحلام قطر الجيوسياسية
وذكر التقرير أن ”القيام بذلك كان سيمنح قطر الصغيرة ميزة جيوسياسية ويضعف نفوذ السعودية الإقليمي. فقد كانت قطر تلعب بأوراق ودعاوي الوحدة العربية والإسلامية لتحقيق هذه النتيجة، مع اعتماد الاغتيال كخطوة أولى في المؤامرة“.
ويعرض التقرير اعتراف حمد بن خليفة بـ ”تمويل وزراعة مختلف حركات ”المعارضة“ في المملكة العربية السعودية، بما فيها حركة فصل ”الحجاز“، وتمويل ومساعدة سعد الفقيه الذي هرب في النهاية إلى بريطانيا، وكذلك دعم الأكاديمي محمد المسعري، الذي يقول التقرير إنه كان مرتبطا بمؤامرة الاغتيال.
ويستعيد التقرير من هذا البرنامج كيف أن قطر واصلت دورها بتأجيج المنطقة في مرحلة فوضى الربيع العربي، وأن التغيير الذي كان منتظرا في هذا النهج بعد انقلاب القصر في الدوحة عام 2013، لم يحصل رغم مجيء الأمير الجديد، تميم بن حمد، إلى الرياض في عام 2014.
السردية القطرية لموضوع المقاطعة
ويعرض التقرير أن قطر في تحالفها الطويل مع تركيا وماليزيا من أجل تطويق النفوذ السعودي، عمدت في السنوات القليلة الماضية إلى تغيير السرديات ووظفت لأجل ذلك موضوع مقاطعتها من أربع دول عربية لتقديم رواية جديدة مختلفة لمشروعها الجيوسياسي في الصراع، وتسويقه في الإعلام الغربي.
وفي النسخة الجديدة من الدور القطري في غدر السعودية، كما يقول التقرير، شاركت الدوحة في التحالف العربي الذي يقاتل الانفصاليين الحوثيين الممولين من إيران في اليمن.
وفي سبتمبر 2015، كشفت قطر سرا للحوثيين عن موقع قاعدة سرية بناها السعوديون ويستخدمها جنود إماراتيون، وأدى ذلك إلى مقتل 45 جنديا إماراتيا و 10 سعوديين و5 بحرينيين.
وعندها، حسب الدراسة البحثية، تيقّن السعوديون أن قطر لن تتغير. فقد واصلت نهجها بالتعاون مع دول إسلامية في رعاية أحزاب وتوجهات دينية، وقامت بتمويل المنشقين المناهضين للسعودية. لكنها في المرحلة الجديدة غيّرت اسم الدعم إلى ”المعارضة“ و“جماعات حقوق الإنسان“، رغم السجل الواضح للنشاط التخريبي.
ويرى التقرير أنه، وفي هذا السياق، جاء تشكيل محور ”رباعي الدول الإسلامية“، الذي يجمع قطر مع تركيا وماليزيا وباكستان، ويعتمد الدوحة مركزا لتمويل تنظيمات وأشخاص من سويّة الداعية الهندي ذاكر نايك، الذي آواه مهاتير محمد رغم أنه مطلوب بتبييض الأموال، ومدرج على قوائم المقاطعة الدولية.
*نقلا عن: “خبر صح”