الأخبارتقارير وتحقيقات

الحوثي يتنصل من تعهدات ستوكهولم لمحادثات الأسرى (الكل مقابل الكل)

قبائل اليمن / متابعات
طالب خبراء يمنيون، وسيط الأمم المتحدة، في محادثات عمان لاتفاق الأسرى بالضغط على الحوثيين لتنفيذ مبدأ “الكل مقابل الكل”.
وتسيطر حالة من الغموض على المحادثات الجديدة لاتفاق الأسرى بين الأطراف اليمنية مع دخول النقاشات المغلقة يومها الثالث في العاصمة الأردنية عمان برعاية اللجنة الاشرافية المكونة من مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن ولجنة الصليب الأحمر الدولي.
ويأمل كثير من اليمنيين أن تتوج الجولة الجديدة إطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسريا بموجب اتفاق ستوكهولم، وبعيدا عن قوائم مخرجات اجتماع عمّان في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي والتي حددت 1470 أسيرا ومعتقلا فقط.
وكعادة الحوثيين في التعنت والمناورة عمدوا إلى تجزئة هذا الاتفاق لمرحلتين منفصلتين، نجحت الأولى في أكتوبر الماضي بالإفراج عن 1065 أسيرا ومختطفا وقد لا تتجاوز المرحلة الثانية التي تجري النقاشات حولها حاليا 400 أسير ومعتقل من الجانبين.
ويبدو أن نقاشات الاجتماع الخامس تصطدم بعراقيل حوثية جديدة، حيث فضل مصدر مشارك بالمحادثات لـ”العين الإخبارية”، التريث بالحديث عن الخوض في مضامين المفاوضات والعراقيل حتى الأيام المقبلة، وعزا ذلك إلى التزامات تمت مع مكتب المبعوث الأممي بشأن ما اسماه “الصمت الإعلامي”.
ويبقى التحدي الأكبر أمام نجاح هذه الجولة هو في مدى قدرة الأمم المتحدة على دفع مليشيات الحوثي لإطلاق سراح “كل” المعتقلين، وتتويج محادثات عمان بإنهاء تجزئة الانقلابيين لهذا الملف الإنساني وإيقاف معاناة الآلاف ممن تستغلهم كرهائن وأوراق لإعادة مقاتليها الأسرى أو ضمن مناورة متعددة السياسات.
ويذهب خبراء يمنيون إلى حث مبعوث الأمم المتحدة لليمن، مارتن جريفيث، إلى ممارسة أقصى سياسات الضغط لتغير سلوك المليشيات على ضوء العقوبات الأمريكية وتصنيفها منظمة إرهابية لتحقيق اختراق فعلي في اتفاق ستوكهولم المتعثر منذ أواخر 2018.
وقال الخبراء في تصريحات لـ”العين الإخبارية” إن المحادثات بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي الإرهابية حول الأسرى يجب أن تلتزم بنص اتفاق ستوكهولم وفقا لمبدأ “الكل مقابل الكل”، ودون ذلك تبقى جزءا من مناورات المليشيات المدعومة إيرانيا.

جولة مفصلية
يعتبر رئيس المركز الإعلامي للمقاومة اليمنية الوطنية ، محمد أنعم، المباحثات الجديدة التي تجري بين الحكومة المعترف بها دوليا ومليشيا الحوثي برعاية أممية جولة مفصلية لوضع نهاية لهذا الملف الإنساني الذي يتلاعب به الحوثيون من خلال استخدام قضايا الأسرى والمختطفين للابتزاز السياسي.
ومن المتوقع أن تكون هذه الجولة من المباحثات مفصلية لأنها تأتي بعد تصنيف واشنطن لمليشيات الحوثي كجماعة إرهابية، ولابد أن تغير من سلوكها أو أن يكون للجانب الحكومي موقف واضح، وفقا لأنعم.
وأعرب المسؤول اليمني عن تطلعه لتمسك وفد الحكومة بمبدأ الكل مقابل الكل وفقا لنص اتفاق ستوكهولم وأن يتم رفض أي تجزئة أو انتقائية في أي عملية تبادل مرتقبة.
ولفت إلى أن الميليشيات الإرهابية ظلت على مدى أكثر من عامين تعرقل إغلاق هذا الملف بمزاعم كاذبة كرفضها تنفيذ الانسحابات من موانئ ومدينة الحديدة.
وأشار أنعم إلى أن مليشيات الحوثي الإرهابية تتعامل مع ملف الأسرى والمختطفين مثل القاعدة وداعش وتبحث عن صفقات ومكاسب للجماعة دون مراعاة للجوانب الإنسانية على الإطلاق.
وكشف المسؤول الإعلامي عن رفض المليشيات السماح لبعض المعتقلين بالتواصل مع أقاربهم لأكثر من عامين، كما لم تسمح الميليشيات للجنة الصليب الأحمر الدولي بزيارتهم في أبشع سلوك وحشي يخالف كل القوانيين الخاصة بالأسرى والمختطفين.
وأبرز ذلك هم” عفاش طارق صالح ” و”محمد محمد عبدالله صالح” ومثلهم الأربعة المشمولون بقرارات مجلس الأمن وهم اللواء ركن “محمود الصبيحي” ومحمد قحطان وشقيق الرئيس اليمني ناصر منصور هادي والقائد العسكري فيصل رجب وغيرهم الكثير من المغيبين قسريا.
وأكد أنعم أنه إذا لم تتجاوب مليشيا الحوثي وتطلق كل الأسرى أو تعاملهم معاملة إنسانية وفقا للقوانين والاتفاقات الدولية فلا جدوى من المحادثات، لافتا إلى أن الانقلابيين لا يكترثون لمعاناة الأسرى الذين قاتلوا معهم ولا يتحركون للإفراج عنهم ويحرصون على تنفيذ صفقات انفرادية وعبر وساطات محلية لإطلاق من ينتمون لسلالتهم فقط.

تجزئة ممنهجة
وانتقدت الحقوقية اليمنية الدكتورة أروى أحمد، إدارة المبعوث، مارتن جريفيث لملفات اتفاق ستوكهولم والذي يشمل الحديدة وتعز واتفاق الأسرى في ظل تعثرها إلا من اختراق ضئيل في الاتفاق المجزأ.
وقالت في تصريح لـ”العين الإخبارية”، إن اتفاق الأسرى تحول لورقة بيدي الحوثيين ومعه جريفيث ويتم بعث فيه الروح فقط لاستهداف إطلاق سراح اشخاص بعينهم، مشيرا إلى عمليات مشبوهة رافقت صفقة المرحلة الأولى وظهور مندوب إيران بصنعاء بعدها فجأة.
وأشارت إلى أن تجزئة الملف لأغراض خارج إطلاق كل الأسرى يفقده قيمته لبقاء أمهات آلاف المعتقلين منذ سنوات في الشوارع والمدن يستعطفن العالم من أجل إنقاذ أبنائهن ولكن لا مجيب.
ولا تتوقع الحقوقية اليمنية حدوث اختراق يذكر من الجولة الجديدة وحتى لو أفرج عن أعداد أكبر لن يغير الواقع المأساوي، كون الحوثيين ما زالوا يجلبون إلى معتقلاتهم من يريدون وفي أي وقت حتى لو كان بائعا متجولا على قارعة الطريق لمبادلته بأسرى حرب.
أرقام للابتزاز
يقبع الآلاف من المعتقلين والمختطفين مغيبين بتهم كيدية وغالبيتهم مدنيين وليس لهم علاقة بالحرب، وفقا للمعتقل السابق في سجون مليشيات الحوثي، أحمد عتيق.
وقال المعتقل المفرج عنه، في تصريحات لـ”العين الإخبارية” إن كثيرا من أسر المعتقلين تتحرك بشكل شخصي وتطالب بإطلاق سراح أبنائهم من سجون الحوثيين لكن كل جهودهم لم تلق استجابة من قيادات المليشيات الإرهابية.
وقدر عتيق نسبة الأسرى بنحو 2 بالمائة من إجمالي أعداد المعتقلين والمخفيين ممن تلجأ مليشيات الحوثي لمبادلتهم بأسرى حرب، وهم مدنيون تم اعتقالهم من منازلهم وأماكن عملهم، وهناك الكثير ممن اعتقلوا من الحديدة تم اعتقالهم في الأمن السياسي ولفق لهم تهما سياسية وعسكرية وأمنية.
وحذر المعتقل السابق من استمرار مبادلة مدنيين مختطفين بأسرى حرب، كون ذلك سوف يدفع مليشيات الحوثي لمزيد من حملات الاعتقالات في المستقبل، موضحا أن هناك مئات المعتقلين فقدوا ممتلكاتهم ورؤوس أموالهم وعندما خرجوا من السجون لم يتم تعويضهم مطلقا وتحولوا أرقاما على رصيف الفقراء.
وتصل أعداد من تم اعتقالهم تعسفيا وعذبوا وتعرضوا للإخفاء القسري، نحو 17 ألف يمني، وفقا للجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الإنسان، والتي وثقت استخدام مليشيات الحوثي لـ506 سجون في المناطق الخاضعة لسيطرتها شمال اليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى