حرب الحوثي فاقمت عمالة الأطفال وقادتهم لمقارعة مصاعب الحياة واحرمتهم التعليم
قبائل اليمن / صنعاء / جلال محمد
تشهد المناطق القابعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران اغتيالاً لبراءة الطفولة شوارع صنعاء والمحال وغيرها من الأماكن شاهدة على كفاح الأطفال للحصول على قوت يومهم عبر أداء أعمال لا تكاد تلبي احتياجاتهم للبقاء على قيد الحياة وفوق كل هذا تشاهد في ماء أعينهم أحلامهم التي اغتيلت.
الطفل “أحمد حسن” البالغ من العمر 10 أعوام، في سوق البليلي من الصباح الباكر بكرتونه الصغير ليبيع البيض “المسلوق”.
بدأ العمل منذ أن رحل والده إثر حادث مروري قبل ثلاث سنوات، يقول أحمد “أنا أعمل لمساعدة أمي، فهي تخبز وتساعد إحدى الأسر الميسورة كي نعيش بشرف فلقمة العيش في هذا الزمان أصبحت صعبة”.
سُحقت أحلامه للالتحاق بأقرانه وزملائه في المدرسة، وكما يقول “أخرج من الصباح مثلي مثل الطلاب في بداية الدوام، لكنهم يذهبون للدراسة ولو حصتين في اليوم، بينما أنا أكافح في مهنة صعبة كصعوبة الحياة”.
في شوارع صنعاء وجدنا العديد من أحلام البراءة تقتل على يد “إسفنجة وعلبه صابون سائل” يتسابق الأطفال في جولة الرويشان على السيارات الواقفة لمسح زجاجها، أو لغسل السيارات أمام المطاعم وأسواق القات، فكم هو مؤلم رؤية تلك الأنامل الصغيرة التي يضنيها تعب النهار، حتى تنعم بحياة بسيطة يحصلوا فيها على الغذاء والملابس. وذلك بسبب أن مليشيا الحوثي قطعت رواتب الموظفين طول سني الحرب.
في مشهد آخر، تأتي سيدة خطت على ملامحها التجاعيد، تلبس العباءة التي حرقت خيوطها أشعة الشمس الحارقة مما أفقدها لونها المعتاد، تقف بالقرب من “عبدالرحمن” طفل آخر يتنزعه الفقر من طفولته ليضعه في الشارع،: تقول أم عبدالرحمن، عن سبب عدم إرسالها لعبد الرحمن للمدرسة، وإرساله لغسل السيارات خصوصاً وانه صغير لا يحتمل هذا البرد القارس، فترد بأن الحياة افقدتها زوجها -الموظف الحكومي- الذي كان يعيلها هي واولادها، ليتركها تصارع قسوة الحياة مع أطفال أيتام ومنزل إيجار لا تستطيع على دفعه في نهاية الشهر.
أم عبدالرحمن تومئ بنظرها إلى عمود إنارة يرتفع فوقه ميكرفون يذيع محاضرة لزعيم المليشيا الحوثية، معاتبة ولسان حالها يقول “إنه وجماعته والحكومة التي تدعي أنها شرعية والقوة العسكرة التي تقول إنها وطنية هي من تسببت لي وللملايين بهذا العناء، نحن شعب يموت جوعاً وكان يتطلع لحياة كريمة ومستقبل أفضل، حلمنا أن نجد في الاشخاص الذين انتخبناهم أو من يقومون على أمرنا أن يعملوا على رفعة شاننا، إلا أنهم جميعاً جعلونا نستجدي لقمتنا، وبلهجتها الدارجة تقول “أيش بيحصل لو الحكومة تدي رواتب الناس، وتساعد المحتاجين مثل الدول الثانية، لكن عندنا ما بلا لهف وسرق ومابش رحمة”.
في باب اليمن، جوار مقبرة الشهداء التي تضم عددا من رفاة الشهداء والمناضلين الجمهوريين الذين ناضلوا من أجل كرامة الشعب، يجلس عمار الذي لم يتم الثالثة عشر من عمره، لترقيع الأحذية وتلميعها، ويقول بعد ترقيع “الصنادل والأحذية” يأتي دور التلميع ثم يضيف ضاحكاً “وبعد هذا كله نرجع نتبايع من جديد مع الزبون ويرجع يفاوضنا من أول وجديد، من شان يدفع ما بين 300-500 ريال يمني” – أقل من دولار أمريكي.
وتابع عمار حديثه قائلاً: التجأت إلى هذه المهنة عندما وجدت نفسي بلا مأوى، فقد تطلقت أمي من والدي مما اضطرني إلى الهرب معها إلى صنعاء، كنت اتسول بالجولات ولكني تعلمت ترقيع الاحذية، واشترى لي جارنا عدة العمل “صندوق وأدوات الترقيع ودهان الاحذية “وتعلمت من نصائح الآخرين عن كيف أعمل وما هو اللون الأصلي وما المغشوش، أنا أدين لجاري بهذا المعروف.
وفي الختام يبقى السؤال هو، ماذا يمكن أن تتحقق من أحلام احمد، عبدالرحمن، وعمار، وكل أطفال اليمن؟ سؤال ربما يجيب عليه اصحاب السياسة المنشغلون بنهبهم وفسادهم ومصالحهم الذاتية والحزبية، وأيضاً بخلافاتهم التي لن تنتهي!!