دراسة وخرائط جديدة تحذر من كارثة بيئية وشيكة مع تهالك الناقلة صافر (تقرير)
قبائل اليمن / عدن
عادت مجدداً إلى الواجهة قضية ناقلة النفط صافر، التي توصف بالقنبلة الموقوتة، بعد نشر خرائط جديدة تؤكد حجم الكارثة التي قد تنجم عن تسرب النفط من تلك السفينة، التي تأخذها ميليشيات الحوثي كورقة مساومة مانعة فريق الأمم المتحدة من صيانتها.
فقد نشرت مجلة (frontiers) العلمية العالمية المتخصصة في عالم البحار مؤخراً دراسة تضمنت خرائط أعدت وفق أحدث برامج المحاكاة للمسار المتوقع لانتشار النفط حال غرق أو تسرب أو انفجار “صافر”.
وأكدت أن الكارثة الناجمة عن تسرب وشيك لمليون برميل نتيجة منع ميليشيا الحوثي لإجراءات صيانة وتفريغ الناقلة وهي في المراحل النهائية من التآكل، ستكون لها عواقب بيئية واقتصادية وإنسانية وخيمة على ستة بلدان، وستطال الشعاب المرجانية على امتداد سواحل البحر الأحمر حتى خليج العقبة.
وتتعامل الأمم المتحدة ومبعوثها إلى اليمن بمرونة سلبية مع التعنت والمماطلة الحوثية لتفريغ السفينة أو إصلاحها، حيث سبق أن أعلنت الميلشيات استعدادها قبول فريق أممي، وبعد وصوله إلى جيبوتي في أغسطس 2019م رفضت منحه تصاريح الدخول إلى الأراضي اليمنية والصعود على متن السفينة.
في منتصف يوليو 2020، وقُبيل جلسة لمجلس الأمن الدولي، بشأن الناقلة “صافر”، أعلنت مليشيات الحوثي موافقتها على السماح لفريق خبراء دوليين بالوصول إلى الناقلة وصيانتها، لكنها تراجعت بعد أسبوع واحد عن تلك الموافقة، مُشترطةً تدخُّل “طرف ثالث” في العملية التي يقودها خبراء الأمم المتحدة لتقييم خزان النفط العائم.
ومع الانفجار المروع الذي وقع في ميناء بيروت مطلع أغسطس الماضي تزايدت الضغوط على أطراف الصراع في اليمن لحلِّها، في ظل تنامي المخاوف من حدوث كارثة مشابهة في حال تعرُّض الناقلة للانفجار.
وفي هذا السياق، عملت المملكة العربية السعودية على تَصدُّر مساعي الضغط الدبلوماسي على الحوثيين تحديداً، فقد دقَّت في الأسبوع الأخير من سبتمبر الماضي ناقوس الخطر، وطالبت المجتمع الدولي بالتحرك بعد رَصْد تسرُّب أدى إلى “بقعة نفطية” على مسافة 50 كيلومتراً قرب ناقلة النفط “صافر”.
وطالبت المملكة مجلس الأمن بأن “يتحمل مسؤوليته”، وأن “يتخذ إجراءات فورية” تسمح لخبراء الأمم المتحدة بالوصول إلى الناقلة الآخذة في التآكُل والتداعي، مُحذِّرة من الأخطار التي يمكن أن يُخلِّفها أي تسرُّب نفطي من خزان النفط العائم على البلدان المطلة على البحر الأحمر وعلى الملاحة البحرية الدولية.
ومنذ ذلك الحين، خاض الطرفان الأممي والحوثي مباحثات مُعقَّدة، في ظل إصرار الحوثيين على الإشراف على كل تفاصيل عملية الصيانة والتقييم، وتقديمهم اشتراطات تتيح لهم الاستفراد بالقرارات التي تخصُّ الناقلة وطرق تقييمها وصيانتها، والاستفادة حصراً من عوائد بيع النفط الخام الموجود داخلها، وعدم إشراك الحكومة في تفاصيل هذه العملية، أو في أي اتفاق يتعلَّق بها.
وعاد الحوثيون ليعلنوا موافقتهم على مطلب الأمم المتحدة تسهيل مهامّ فريق فني دولي لتقييم وضع الناقلة “صافر”، لكن لم تَمضِ سوى فترة وجيزة حتى سارعت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إلى اتهام الجماعة بمنْع مُهندسي شركة ASIA OFFSHRE SOLUTION AOS السنغافورية التي تعاقدت معها الأمم المتحدة لتقييم وضع الناقلة، من الدخول للأراضي الواقعة تحت سيطرتها، وأنها رفضت منحهم التأشيرات والأذونات اللازمة لبدء مهمتهم.
وأوضح السفير البريطاني لدى اليمن، مايكل آرون، في تصريحات صحفية نُشِرت في الأسبوع الأخير من ذلك الشهر، أن الحوثيين طالبوا باستبعاد الشركة التي جرى التعاقد معها، وتعيين شركة أخرى.
وأعلنت الأمم المتحدة عن توقيع اتفاق مع مليشيات الحوثي لإرسال فريق خبراء أمميين لتقييم السفينة وإجراء الإصلاحات اللازمة بتمويل من أربع دول أوروبية هي بريطانيا وألمانيا وفرنسا وهولندا بتوفير كامل التمويل لعملها، بمبلغ يتراوح بين 3 و4 ملايين دولار.
ويتضمن الاتفاق تقييم أوضاع الخزَّان، وإجراء صيانة أولية خفيفة، ومن ثمَّ صياغة توصيات حول ما يجب اتخاذه من إجراءات لاحقة لإزالة خطر حدوث تسرُّب نفطي من الخزَّان.
وأشار دوجاريك إلى أنه “بعد الموافقة على مقترح الأمم المتحدة الخاص ببعثة الخبراء، سوف يتجه التخطيط مباشرة نحو الاستعدادات لإرسال البعثة”، وتتضمن هذه الاستعدادات “شراء المعدات الضرورية والحصول على تصاريح الدخول لأعضاء البعثة، والتوافق حول نظام العمل عند الوصول للخزَّان، والخطط اللوجستية”.