المصطلح الذي خرج به وزير الخارجية الأمريكي فيما يتعلق بالمليشيات الحوثية في اليمن، يكشف حجم المخاتلات الأمريكية في المنطقة وبيع الوهم، ويبعث على الشك والغثيان وليس القلق فقط من السياسة الأمريكية الخارجية أكانت بوجه ديمقراطي أم جمهوري.
فليس هناك فوارق جوهرية على الإطلاق غير ما يتوهمه العرب أحيانا أثناء حركة التبادل للبيت الأبيض بين الحزبين.
-ما معنى عبارة “يثير قلق سياسي خاص” أو اهتمام خاص وما هي مرجعيتها القانونية وأهميتها.
إنها لا شك عبارة فارغة المضمون أو شيك بدون رصيد، استخدمتها الخارجية الأمريكية سابقا حتى ضد المملكة العربية السعودية وباكستان وغيرهما من الدول في ما يتعلق بالحريات الدينية. يبدو الامر وكأنه إحدى المخاتلات الأمريكية عند الهروب من القضايا المبدئية إلى المناورات السياسية، حيث عرضت الإدارة الأمريكية موضوع تصنيف الحوثي كجماعة إرهابية على سلطنة عمان وقطر وقيل لها إن ذلك لا يصب في صالح تسوية سياسية، وكشف ذلك وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي، منذ أسبوعين تقريبا، مؤكدا أن أكبر دبلوماسي أمريكي لشؤون الشرق الأوسط ناقش مع بلاده إمكانية تصنيف واشنطن جماعة “أنصار الله” اليمنية كجماعة إرهابية.
ورغم أن خطوط الحوار بين الإدارة الأمريكية والحوثيين مفتوحة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وليس ذلك بسر. فالقيادي الحوثي محمد علي الحوثي كشف عن تلقي الجماعة رسالة أمريكية بشأن إحلال السلام في اليمن. وقال نصاً “أرسلوا إلينا الأمريكان عبر وسطاء قالوا لا يمكن أن يكون هناك سلام حتى وإن كانت السعودية راضية به، إذا لم نكن نحن موافقين عليه”.
ولذلك يبدو أن الإدارة الأمريكية وترامب وجدوا أنفسهم في حرج وأمام التزام ووعود لبعض دول الإقليم في القيام بدور ما تجاه العبث الإيراني بأدواته الحوثية، والاعتداءات المتكررة على السفن في البحر الأحمر والمناطق الحيوية في المملكة، لكن هذه الوعود لم تنجز، رغم بعض التأكيدات والتسريبات التي ذهبت باعتبارها مؤكدة.
كان آخر التسريبات منذ شهر بقرب إعلان توصيف إدارة ترمب لمليشيات الحوثي كجماعة إرهابية قبل مغادرة ترامب البيت الابيض، لكن لا شيء من ذلك كان أو هو كائن في القريب.
ولذا كان لا بد من الخروج ببيان أو تبرير ما، لذر الرماد في العيون فكانت هذه التخريجة العجيبة للخارجية الامريكية، وابتداع عبارة (يثير القلق الخاص).
ليس لهذه العبارة مرجعية قانونية أو سند دولي ما أو تبعات يمكن أن تلحق بها رغم ان بيان الخارجية الأمريكية قد ارجع الإدراج لما أسماها الكيانات التي تشكل قلقا خاصا بموجب قانون الحرية الدينية الدولية لعام 1998.
ويمكن الإستنتاج أن موضوع تصنيف المليشيات الحوثية كجماعة إرهابية سيخضع لمزيد من المقايضات فيما يخص الملف الإيراني، وسوف يستخدم كورقة ضغط في تفاصيل الملف الإيراني وتحسين شروط اي مفاوضات قادمة، لا سيما مع وجود خطوط وثيقة عبر عمان وقطر تصل الامريكان بالحوثي وتعطي رسائل اطمئنان ان الحوثي لن يذهب بعيدا فيما يخص استهداف المصالح الأمريكية أو سفنها في البحر الاحمر، واكثر ما يمكن القيام به هو التحرش بالمملكة. وهذا يأتي ضمنا في صالح شركات السلاح والطيران الامريكي التي تضخ المزيد من صفقات السلاح في المنطقة والتي تجاوزت في سنوات قليلة مائة مليار دولار.
خلاصة الأمر أن الجماعة الحوثية كما أنها هاجس يثير القلق لأمريكا فهي خصم يجلب المزيد من المال والمصالح الأمريكية أيضا، وهذا الأمر لا شك أنه في الحسبان لدى صانع القرار الأمريكي ولدى أي إدارة كانت جمهورية أو ديمقراطية.
ويبدو أن سلطنة عمان ذكرت الخارجية الأمريكية بهذا الأمر من باب التذكير فقط وإلا فهو معلوم من المصلحة الأمريكية بالضرورة.