خبير دولي يكشف سر الفشل الدولي في إطفاء حريق اليمن
قبائل اليمن / عدن
يرى بيتر ساليسبوري، وهو خبير دولي لدى مجموعة الأزمات الدولية، أن التسوية في اليمن “تقتضي تغييراً في النهج المتبع من أجل التوصل إليها”،
حتى لا تتكرر تجربتا اتفاقي السويد والرياض العالقين حتى الآن.
وسرد “ساليسبوري”، -في مقال أعاد نشره مركز السياسات اليمني وهو مركز أبحاث مستقل تم تأسيسه العام الجاري في العاصمة الألمانية برلين – تجارب الاتفاقات اليمنية واداء الجهات ذات العلاقة من الامم المتحدة الى سفارات امريكا واروبا والسعودية.
وقال إن للمجتمع الدولي وساطات بخصوص الحرب في اليمن، وهي ترجع في زمنها إلى بدايات اندلاع الصراع “ومع أنّ تلك الجهود قد أسفرت عن بعض النتائج، فإنَّ أيا منها لم يؤدِ إلى خفض دائم لوتيرة التصعيد للعنف أو إلى تقدُّمٍ حقيقيٍّ في إيجاد حلٍّ سياسي”.
وقال إن “الحوثيين سيكونون هم المستفيد الأكبر من أية محادثات تجري مع طرف ليس متكافئا معهم في وضعه التفاوضي ولا يحظى إلا بقدر ضئيل من الشرعية بين الجماعات الرئيسية التي تتوزع السيطرة على الأرض”.
ونوه إلى أن الفرصة العابرة التي أتاحها اتفاق ستوكهولم من أجل إنهاء الحرب قد ذهبت أدراج الرياح بعد ما يقرب من عامين من توقيع الاتفاق، لافتا الى أنَّ “التصعيد آخذ في التعاظم. وعلاوة على ذلك، فإنَّ النهج الذي تتبعه السياسة الدولية في سبيل إيجاد حل للوضع يبدو (مكبل اليدين) بقيد اختزال الحرب في طرفين”.
وتطرق الخبير الدولي بيتر ساليسبوري الى أسباب فشل “ستوكهولم” قائلا: “كان لدى الحوثيين ولدى الحكومة تفسيرات مختلفة جذريًا بخصوص بنود الاتفاقية التي وقِّعَت على عجل؛ ومن هنا واجه الطرفان صعوبة في إيجاد الأرضية المشتركة اللازمة لتنفيذ خطة لنزع السلاح من الحديدة والمناطق المحيطة بها على الوجه المطلوب.
وبين: “ففي حين اعتبر الحوثيون أن الصفقة تحافظ على سيطرتهم على ميناء الحديدة، اعتبرتها الحكومة بمثابة استعادة لسيادتها المشروعة على المنشأة. أمّا المحادثات حول تبادل الأسرى والهدنة في تعز، فقد وصلت إلى طريق مسدود. ومن هنا يصح القول إنَّ الضغط الخارجي كان كافياً لحمل الأطراف على إبرام اتفاق، غير أنه لم يكن كافياً لفرض تطبيقه”.
وشدد على تخفيف حدة عاملين أساسيين على الأرض لا يزالان يحولان دون حل للصراع، وهما: تمكُّن الحوثيين وتشرذم الحكومة.
ولفت الى أن الحوثيين قتلوا الرئيس السابق علي عبدالله صالح في ديسمبر 2017م “الأمر الذي جعلهم القوة الوحيدة المسيطرة على الشمال”.
ونبه “ساليسبوري” الى أن الحوثيين سيكونون هم المستفيد الأكبر من أية محادثات تجري مع طرف ليس متكافئا معهم في وضعه التفاوضي ولا يحظى إلا بقدر ضئيل من الشرعية بين الجماعات الرئيسية التي تتوزع السيطرة على الأرض.
وقال “يجب أن يُوسّع إطار المحادثات ليشمل أطرافا يمنية أكثر، كما ينبغي على صناع السياسات الدوليين أنْ ينسقوا جهودهم بصورة أوثق وأنْ يقسموا العمل فيما بينهم بصورة أوضح”.
وحتى لو توصل الحوثيون وهادي إلى اتفاق – يقول خبير مجموعة الأزمات الدولية بيتر ساليسبوري-، فإنه ليس من الواضح ما إذا كانت الجماعات المسلحة والسياسية المختلفة التي تسيطر على مناطق مختلفة من تلك التي لا يسيطر عليها الحوثيون ستدعم تنفيذ ذلك الاتفاق.
ورأى أنه “إذا شارك المزيد من الأطراف اليمنية مع ما يتبعها من فئات ذات صلة، بما في ذلك الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، بشكل مباشر في المحادثات، فلعل من شأن ذلك أنْ يحفِّز الحوثيين والحكومة، على حد سواء، لبدء عقد صفقات مع الأعداء المحليين والحلفاء، على حد سواء، وسيكون ذلك سعيا منهما في سبيل تحسين القوة التفاوضية الكلية لكل طرف منهما أمام الآخر”.
واستطرد قائلا: “تغيرت الوقائع على الأرض بصورة أكبر منذ 2018. ففي أغسطس 2019، أحكم المجلس الانتقالي الجنوبي، سيطرته على عدن، وهذا يعني ظهور الانقسامات الداخلية إلى العلن بين كلٍّ من حكومة الرئيس هادي، والجماعات المنافسة المضادة للحوثيين؛ وهو الأمر الذي يعني إبطال دعوى وجود كتلة موحدة ضد الحوثيين”.
ولفت الى أن هذا المنعطف من الأحداث دفع السعودية الى السعي لعقد صفقة، عرفت فيما بعد باتفاق الرياض ديسمبر 2019، يكون من شأنها الحيلولة دون اندلاع حرب أهلية داخل الحرب الأهلية المستعرة مسبقا ويكون طرفاها حكومة الرئيس هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي.
واستدرك بالقول: “تعثرت الصفقة المدعومة سعوديا مع مرور الوقت، بطريقة شبيهة بتلك التي حدثت بخصوص اتفاق ستوكهولم”.
وقال “بيتر ساليسبوري “إنه مع نهاية العام 2019، جاءت فترة هدوء توقف فيها الحوثيون عن إطلاق الصواريخ وتسيير الطائرات التي بلا طيار عبر الحدود ضد السعودية والإمارات، كما شهدت إعادة فتح محادثات عبر قناة خلفية بين الحوثيين والرياض؛ وقد أدى هذا إلى تهدئة على الأرض، غير أنّ معارك جديدة اندلعت في الشمال في يناير 2020 ؛ وذلك عندما عمد الحوثيون إلى شن حملة جديدة على محافظة مأرب الغنية بالنفط والمكتظة بالسكان، والتي تُعدَ المعقل الأخير للحكومة في الشمال.
وخلص الخبير الدولي في مجموعة الأزمات الدولية الى القول: “في بدايات العام 2020 سعى المبعوث الأممي مارتن جريفيث إلى التوسط من أجل إيقاف إطلاق النار على مستوى البلد كله، إلا أن ذلك لم يسفر عن نتائج تُذكر. شعر الحوثيون بأنّ النصر يلوح أمامهم في مأرب تزامنا مع رفض الحكومة لشروطهم التي تتضمن هدنة تفضي إلى فتح مطار صنعاء، وتخفيف القيود المفروضة على المواد المستوردة عبر الحديدة، وإنشاء آلية مشتركة من أجل دفع المرتبات لموظفي الدولة في كل أرجاء البلاد.