مُسيَّرات الحوثي واستهداف السعودية و الساحل الغربي منذ وصول إيرلو (تقرير بالأرقام)
قبائل اليمن / متابعات
لم يعد خافياً أن مليشيا الحوثي الارهابية باتت تتولى مهمة إيصال رسائل طهران العسكرية والأمنية إلى دول المنطقة وعلى رأسها السعودية، كلما تصاعدت حدة الضغوطات التي تتعرض لها من قبل المجتمع الدولي فيما يخص ملفها النووي أو قضايا دعمها للحركات الإرهابية المسلحة في المنطقة، ومساعدتها على زعزعة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.
ويكشف تصعيد مليشيات الحوثي لعملياتها العسكرية وزيادة وتيرة هجماتها واستهدافها سواءً في الجبهات الداخلية، أو هجماتها ضد السعودية عن الكيفية التي تنفذ بها هذه المليشيات أجندة طهران كما هو الحال حين يرى المتابع أنه وخلال اليومين (7-8) فبراير الجاري، اللذين كان فيهما المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث يزور طهران، صعدت المليشيات الحوثية استهدافها للرياض بإطلاق ست طائرات مسيرة على الأراضي السعودية في أقل من أربع وعشرين ساعة.
مِنْ تبني هجمات أرامكو الإيرانية إلى تصعيد إيرلو
في 14 سبتمبر من العام 2019م وحين كانت إيران تتعرض لضغوطات متزايدة من الإدارة الأمريكية عمدت طهران إلى تنفيذ هجمات على منشآت بقيق وخريص التابعة لشركة أرامكو النفطية السعودية باستخدام الطائرات المسيرة وصواريخ كروز وأوعزت إلى مليشيات الحوثي الإعلان عن وقوفها خلف تلك الهجمات وهو الأمر الذي كشف كذبه بأدلة قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية عبر صور من الأقمار الصناعية، قبل أن يؤكد تقرير الخبراء الأممي التابع لمجلس الأمن أن تلك الهجمات لم تطلق من اليمن، إذ إن المدى المقدر لمنظومات الأسلحة المستخدمة لا يسمح بعملية إطلاق من أراضٍ خاضعة لسيطرة الحوثيين”.
وبعد مرور عام من ذلك الهجوم أعلنت طهران عن تعيين سفير لها لدى سلطة الحوثيين في صنعاء هو القيادي في “فيلق القدس”، التابع للحرس الثوري الإيراني حسن إيرلو، الذي وصل صنعاء بطريقة وصفت بأنها عملية تهريب تنتهك كل الأعراف الدبلوماسية، ومنذ ذلك التاريخ تصاعدت وتيرة الهجمات التي تشنها مليشيات الحوثي ضد المملكة العربية السعودية، بواسطة طائرات دون طيار مفخخة، وصواريخ باليستية بشكل لافت.
وحسب الاحصائيات فإن مليشيا الحوثي نفذت منذ الثاني والعشرين من أكتوبر 2020م أي بعد وصول سفير طهران بأربعة أيام وحتى السابع عشر من فبراير 2021م نحو مائة هجوم باستخدام طائرات مسيرة بدون طيار منها (35) هجوما استهدف الأراضي السعودية، و12 هجوما استهدف الأراضي اليمنية، فيما تم استخدم الطائرات بدون طيار في عمليات استطلاع لمواقع القوات المشتركة في الساحل الغربي بواقع 52 مرة.
وكانت مصادر مقربة من مليشيات الحوثي ربطت في وقت سابق بين تزايد الهجمات الحوثية على الأراضي السعودية ووصول السفير الإيراني الذي يعد قائدا عسكريا وخبير صواريخ عمل في جنوب لبنان، بالإضافة إلى كونه ضابطا متخصصا في الأسلحة المضادة للطائرات والدبابات والمدرعات، وفقا لدراسة نشرت في العام 2009.
وفيما اتهم تقرير فريق خبراء لجنة العقوبات التابع لمجلس الأمن لعام 2020م إيران باستمرار تزويدها المليشيات الحوثية بالأسلحة كان تقرير ذات الفريق للعام الذي سبقه ذكر أن المليشيات الحوثية تمتلك ترسانة كبيرة من ثلاثة أنواع من الطائرات المسيرة بدون طيار، إحداها قادرة على حمل 5 كجم من المتفجرات، وأن أنواع الطائرات المسيرة من دون طيار الأكثر شيوعا في ترسانة الحوثيين تشابه تلك التي تصنعها إيران متهما اياها ب«نشر طائرات مسيرة من دون طيار صغيرة ومتوسطة الحجم للقيام بأدوار شتى تتراوح بين استخدامها في الاستطلاع واستخدامها كذخائر تطوف وتضرب أهدافها، أو ما تسمى “طائرات انتحارية بدون طيار”».
وأوضح التقرير أن تحقيقه بشأن طائرات الحوثيين المسيرة كشف عن تورط أفراد وكيانات من أصول إيرانية في تمويل عملية شراء إمدادات الطائرات المسيرة للحوثيين في اليمن.
وتشير الإحصائيات الرسمية التي أعلنها التحالف العربي إلى أن مليشيات الحوثي أطلقت 515 طائرة بدون طيار على السعودية منذ بدء عملياته في اليمن عام 2015.
وقال المتحدث باسم قوات التحالف العربي العقيد الركن تركي المالكي، في تصريحات، إن الحوثيين يحاولون التأثير على المدنيين عبر الطائرات الانتحارية، وإن تصعيدهم الأخير متعمد، وقرارهم مسلوب من جنرالات إيران.
ووفقاً للإحصائيات فإن مليشيا الحوثي ومنذ وصول السفير الإيراني عمدت إلى تصعيد هجماتها على الأراضي السعودية منذ بدء سفير طهران حسن إيرلو لعمله في صنعاء، حيث بلغ عدد الهجمات التي شنتها المليشيات الحوثية على السعودية (35) هجوماً باستخدام المسيرات المفخخة، منها خمسة هجومات خلال الأسبوع الأخير من أكتوبر، فيما صعدت من هجمات مسيراتها خلال نوفمبر الذي شهد إسقاط التحالف لعشر طائرات مسيرة أطلقتها مليشيات الحوثي على السعودية.
تصاعد استخدام المسيرات الحوثية ضد السعودية بعد وصول إيرلو الذي بات يوصف بأنه الحاكم العسكري لصنعاء ارتبط بالأجندات والمصالح الإيرانية والمتغيرات التي شهدتها المنطقة، حيث لوحظ تناقص هجمات الحوثيين بالطائرات المسيرة ضد السعودية خلال شهري ديسمبر ويناير وهي الفترة التي شهدت تزايد ضغوط الإدارة الأمريكية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب على إيران وأذرعها المسلحة في المنطقة من خلال فرض مزيد من العقوبات التي استهدفت كيانات ومؤسسات، وشركات وقيادات إيرانية، وفي الوقت نفسه فرض عقوبات على قيادات المليشيات المسلحة التابعة لإيران في لبنان والعراق وتصنيف الخارجية الأمريكية لمليشيات الحوثي منظمة إرهابية في العاشر من يناير المنصرم.
ووفقاً لمحللين، فإن تراجع استهداف الحوثيين للمسيرات ضد السعودية خلال شهري ديسمبر ويناير ارتبط بمحاولة إيران تخفيف الأعمال السلبية لزعزعة أمن المنطقة في الأيام الأخيرة لإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب، خصوصا وأن عقوبات إدارة ترمب امتدت لتشمل الأذرع المسلحة لإيران في المنطقة ومنها المليشيات الحوثية.
ويضيف المحللون: إنه وبعد إعلان الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة بايدن إلغاء تصنيف مليشيات الحوثية منظمة إرهابية في السادس من فبراير الجاري عادت مليشيات الحوثي لتصعد من هجماتها على السعودية باستخدام طائرات مسيرة بدون طيار، لتقدم بذلك دليلا على الخطأ الذي ارتكبته الإدارة الأمريكية بإلغاء التصنيف، وفي الوقت نفسه ترسل إشارات واضحة أن عملياتها ضد السعودية مرتبطة بالأجندة الإيرانية.
ويؤكد أن مليشيات الحوثي عادت لتصعد من هجماتها على السعودية باستخدام الطائرات المسيرة حيث بلغ عدد الهجمات التي شنتها 14 هجوما منذ 7 فبراير وحتى 17 من الشهر، منها ستة هجومات بطائرات مسيرة في اليوم التالي لإعلان واشنطن إلغاء تصنيف المليشيات منظمة إرهابية، وبالتزامن مع وجود المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في طهران، فيما استهدفت طائرات حوثية مفخخة مطار أبها السعودي المدني مرتين خلال أسبوع.
وكان فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن أكد أن مهاجمة الحوثيين أهدافاً مدنية، بطائرة مسيرة يمكن أن يشكل انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.
الجدير بالذكر أن الإحصائيات عن عدد الطائرات بدون طيار التي استخدمتها المليشيات الحوثية في مهاجمة السعودية خلال أربعة أشهر من وصول سفير إيران إلى صنعاء لا تشمل الهجمات التي نفذتها المليشيات على السعودية باستخدام الصواريخ الباليستية، والتي يقول التحالف إنه أسقط منذ عام 2015م، 345 صاروخا باليستيا أطلقتها مليشيات الحوثي على السعودية.
مسيرات الحوثي داخل اليمن.. والأهداف الإيرانية
في المقابل فإن الرصد يظهر أن الفترة التي تلت وصول السفير الإيراني إلى صنعاء شهدت تصاعدا غير مسبوق في استخدام المليشيات الحوثية للطائرات المسيرة في عملياتها داخل الأراضي اليمنية وبشكل ركز على عمليات الاستطلاع وجمع المعلومات بالتزامن مع استخدامها في عمليات عسكرية ضد الجيش الوطني وقوات المقاومة الوطنية في عديد جبهات.
وحسب الرصد فإن مليشيات الحوثي استخدمت الطائرات المسيرة منذ 22 أكتوبر 2020 وحتى 17 فبراير الجاري (64) مرة منها (12) مرة أسقطت فيها هذه الطائرات المسيرة من قبل الجيش الوطني والقوات المشتركة في مناطق الجوف ومارب وصنعاء والضالع والمخا، فيما استهدفت إحدى الهجمات بطائرة حوثية مسيرة تجمعا لمدنيين في مدينة مارب وأدت إلى مقتل وإصابة عدد منهم.
وكان لافتاً استخدام مليشيات الحوثي للطائرات المسيرة (52) مرة في عمليات استطلاعية ورصد ارتكزت كلها على مواقع المقاومة المشتركة على امتداد الساحل الغربي.
وفسر محللون تصاعد عمليات الرصد والاستطلاع التي تنفذها المليشيات الحوثية لمواقع القوات المشتركة في الساحل الغربي بأنها تأتي، بالإضافة إلى علاقتها بمحاولة استهداف معسكرات وتجهيزات القوات المشتركة، ضمن أجندات لها علاقة بمساعي إيران تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف الملاحة الدولية في باب المندب والبحر الأحمر.