بريطانيا : المجتمع الدولي يحمي الحوثيين من أي انتكاسات عسكرية والحديدة دليل على ذلك
قبائل اليمن / ترجمة / فارس سعيد
المعهد الملكي البريطاني لدراسات الأمن والدفاع.. ويُمول بشكل أساسي من قبل وزارة الدفاع البريطانية
إذا كان لدى إدارة بايدن نية في التوسط من أجل السلام في اليمن، فينبغي لها التوفيق بين سياساتها المتناقضة تجاه البلاد والاعتراف بأن العمل العسكري الهجومي ضد الحوثيين عنصر ضروري في أي مفاوضات مجدية.
فبين أبريل ويونيو من العام 2018، كانت القوات اليمنية المشتركة قاب قوسين من انتزاع مدينة الحديدة الساحلية. لكن المجتمع الدولي أنقذ الحوثيين وسارع إلى ممارسة الضغط ونجح في وقف الهجوم قبل أيام من سيطرة القوات اليمنية على المدينة.
وكان أساس هذا التدخل هو أن أي انقطاع في الإمدادات الغذائية عبر الميناء سيؤدي إلى أزمة إنسانية ويعرض للخطر جهود التوصل إلى تسوية تفاوضية. لكن صيحات الدبلوماسيين الغربيين التي رفضت الحل العسكري، فشلت تماماً في تحقيق السلام أو إيصال الإغاثة الإنسانية.
لكن في المقابل نجد تناقضاً صارخاً، وذلك عندما شن الحوثيون هجوما شرسا ومستمرا على محافظة مأرب، والتي أصبحت ملاذا للنازحين اليمنيين باعتبارها واحدة من المناطق القليلة جدا في البلاد التي تتمتع بقدر ضئيل من الأمن.
فعلى النقيض من الهجوم على الحديدة، لم يفرض المجتمع الدولي أي ضغط جاد على الحوثيين للتوقف عن هجومهم بما يتجاوز تصريحات الأمم المتحدة المعتادة “المعبرة عن القلق”.
لكن التفاوت الواضح في التعامل بين الأطراف اليمنية، سببها أن المجتمع الدولي لا يمتلك أي نفوذ على الحوثيين، وطالما أن المجتمع الدولي يحميهم من أي انتكاسات عسكرية عملية، فإنهم سيواصلون التفاوض بسوء نية. صحيح أن الحوثيين يظهرون في المحادثات لكن حتى الآن لم يقدموا أي تنازلات جدية وحقيقية.
صحيح أن الحرب تضر بالشعب اليمني لكنها لا تضر بالحوثيين. بل على العكس، الحرب تدعمهم وتطيل من بقائهم.
لا يوجد حل عسكري بحت للحرب في اليمن، ولكن ما لم يدرك الدبلوماسيون أن القوة هي مصدر مهم للضغط، فلن يكون هناك حل دبلوماسي بحت أيضا.
وإذا فقد الحوثيون السيطرة على الإمدادات الإنسانية والطبية، أو قدرتهم على اللجوء إلى العنف، نتيجة للتسوية السياسية، فإن سلطتهم السياسية ستتضاءل بشكل كبير.
وفي حين أن الحرب ضارة للشعب اليمني، فإن التسوية من شأنها أن تضعف الحوثيين، ومن وجهة نظرهم، ستجعلهم مستبعدين من أي وعود تم تقديمها في صفقة سياسية، لذلك لا يوجد مأزق ضار للطرفين في الصراع، وبالتالي فإن الحوثيين ليسوا مستعدين في ظل الظروف الحالية لإنهاء القتال.
لكن يجب أن يكون هناك تقدير أكبر للأداة العسكرية كعنصر ضروري في تهديد مصالح الحوثيين بشكل كافٍ لتحقيق مفاوضات مجدية.
اليمنيون بحاجة لمن ينصت لهم
من العيوب الهيكلية المستمرة في عملية السلام أن قرار الأمم المتحدة 2216، أجبر جميع الجهود الدبلوماسية على استهداف إعادة الرئيس عبد ربه هادي، وصياغة جميع المفاوضات بين الحوثيين والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
وإلى جانب ربط المفاوضين بالمطالبة بشروط لن يقبلها الحوثيون، هناك مشكلة تتمثل في أن هادي -الذي انتخب توافقيا لمدة عامين فقط- ظل منذ ذلك الحين في المنفى في السعودية وليس لديه شرعية ولا سيطرة في جميع أنحاء البلاد.
هناك لاعبون سياسيون يتمتعون بشرعية محلية في جميع أنحاء اليمن، منهم شيوخ القبائل في مأرب والمهرة والبيضاء، وقادة المجلس الانتقالي الجنوبي، لديهم قواعد شعبية، وفي معظم الحالات يتم استبعاد هؤلاء من تأطير التسوية.
إن أي عملية سلام ناجعة قابلة للاستدامة، تتطلب دعما دوليا لإشراك أصحاب الشرعية على الأرض. ففي الوقت الحالي، ومع وجود جهات خارجية مختلفة تدعم المجموعات المحلية المختلفة وتهاجمها، لا يوجد أساس يذكر للمشاركة البناءة.
من الناحية الواقعية، قد يتطلب الأمر من الولايات المتحدة فرض درجة من التنسيق لأنها وحدها تمتلك نفوذا كافيا على دول مجلس التعاون الخليجي للحفاظ على استراتيجية، لكن من المشكوك فيه أن تكون واشنطن مهتمة بما يكفي بالأصوات اليمنية للنظر إلى ما وراء الروابط الوثيقة مع العديد من أصحاب النفوذ المحليين وتنظيم القاعدة.
وبعيدا عن التصريحات والمزايدات السياسية، إذا كانت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والحلفاء الأوروبيون جادين في إحلال السلام في اليمن، فيجب أن تكون هناك استراتيجية متماسكة، يجب أن تكون هناك محاولة لمواءمة الأهداف التي تسعى إليها الإدارات المختلفة والقيادات المقاتلة.
أخيراً، يجب أن يكون هناك تقدير أكبر للأداة العسكرية كعنصر ضروري في تهديد مصالح الحوثيين بشكل كافٍ لتحقيق مفاوضات مجدية، والفشل في تحقيق ذلك يعتبر تنازلا عن اليمنيين.