الحوثيون يردّون على قرار تصنيفهم منظمة إرهابية بتصعيد عسكري دولي ومحلي (تقرير)
قبائل اليمن / متابعات
مع دخول القرار الأمريكي القاضي بتصنيف مليشيا الحوثي “منظمة إرهابية”، حيز التنفيذ، الثلاثاء 19 يناير/ كانون الثاني الجاري، صعّدت المليشيا من عملياتها العسكرية وجرائمها بحق المدنيين وتهديدها لخط الملاحة في البحر الأحمر، في تحد صارخ للقوانين الإنسانية والاتفاقات والمعاهدات الدولية.
وسعت المليشيات إلى تصعيد عملياتها العسكرية في مختلف الجبهات شرق وغرب وجنوبي اليمن، لمحاولة التهديد على الصعيدين، المحلي والدولي.
أمّا التهديد الدولي فقد أفصح عنه عضو المجلس السياسي للحوثيين المدعو “محمد علي الحوثي”، عقب الساعات الأولى من دخول القرار حيز التنفيذ، بتغريدة له على موقع “تويتر”
وقال “الحوثي”، “سندرس إخطار المجلس السياسي الأعلى والحكومة اليمنية -حكومة الحوثيين بصنعاء- بدراسة الاستفادة من ممراتنا البحرية كأرض تابعة للجمهورية اليمنية يجب الاستفادة منها”، مضيفاً: “وتشمل الممرّات اليمنية مضيق باب المَندَب، أحد المعابر البحرية الاستراتيجيّة في العالم”.
وبحسب مراقبين ومحللين، تسعى مليشيا الحوثي بذلك التصريح إلى إيصال رسالة تهديد دولية مفادها “نحن نسيطر على أحد اهم الممرات المائية الدولية”، غير مدركة أن ذلك بحد ذاته إدانة لانتهاكها الاتفاقيات الدولية وتهديد الملاحة.
في ذات الوقت ألزمت المليشيا الحوثية ما تسمى “حكومة الإنقاذ” المعيّنة من قبلها والأحزاب السياسية الواقعة في مناطق سيطرتها بإصدار بيانات إدانة سبقت بيان إدانة مكتبها السياسي بساعات، وهي بذلك تجسد الديكتاتورية ومصادرة الحريات بدلالة مطاردتها كل من عارضها سياسيا وثقافيا وفكريا، وفق قراءة مراقبين.
القرار الأمريكي أصاب المليشيا الحوثية بحالة إرباك لما له من تبعات من شأنها الحد من تدفق الحوالات المالية الخارجية والأسلحة إليها.
وجرّاء ذلك الإرباك طالت يد المليشيا القمعية الموظفين والمدنيين بالعاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرتها وقامت باخراجهم إلزاماً إلى أمام مقر الأمم المتحدة التي تستخدمها غطاءً لجرائمها بعد أن أصبح صديقها الحميم المبعوث الأممي إلى اليمن، البريطاني مارتن غريفيث، محاميا ومدافعا عنها في جميع إحاطاته المقدَّمة إلى مجلس الأمن وغيره، وقامت بواسطة أولئك المدنيين بمطالبة رفع قرار تصنيفها “منظمة إرهابية”، وهي بذلك تمارس الإرهاب النفسي والمادي بحق المدنيين.
ووفقاً للمراقبين، كثفت المليشيا من تحشيد هجماتها السياسية والإعلامية ضد الولايات المتحدة والتحالف والحكومة وكل من أيّد ذلك القرار.
وخلال الـ48 ساعة الماضية دشنت المليشيا هجماتها الإرهابية الدولية، إحداها هددت الملاحة الدولية، في البحر الأحمر بواسطة زورقين “مفخخين”، قالت قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن إنها اعترضتهما وفجرتهما أمس الجمعة.
وفي اليوم نفسه اعلن التحالف اعتراض وتدمير مسيرة “مفخخة” اطلقتها المليشيا من الاراضي اليمنية باتجاه السعودية، سبقها العديد من العمليات المماثلة، فضلا عن عشرات الصواريخ والطائرات المسيّرة التي استهدفت بواسطتها مناطق مدنية في اليمن والسعودية، معظمها أُحبطت قبل تنفيذها.
وتوقعوا أن تصعد المليشيا من هجماتها العسكرية الفترة المقبلة لتطال المصالح الأمريكية والغربية، بما يشمل مضيق “باب المندب” وخطوط الملاحة بالبحر الأحمر.
ويرى مراقبون أن مليشيا “الحوثي” تسعى من خلال هذه الهجمات إلى إيصال رسائل بأنها “قوية ولا يمكن استبعادها أو التأثير على واقعها العسكري عبر هذا التصنيف”.
وأعلنت الخارجية الأمريكية، في 10 يناير/ كانون الثاني الجاري، عزمها تصنيف الحوثيين “منظمة إرهابية”، وفرض عقوبات على زعيمها عبد الملك الحوثي، والقياديين فيها عبد الخالق الحوثي، وعبد الله يحيى الحاكم، في حين دخل القرار حيز التنفيد الثلاثاء 19 يناير/ كانون الثاني الجاري.
تصعيد محلي
على الصعيد الميداني المحلي، صعّدت المليشيا الحوثية وبشكل ملحوظ عملياتها العسكرية، عقب تصنيفها “منظمة إرهابية” من الولايات المتحدة الأمريكية، في مختلف جبهات البلاد، إلا ان اخطرها كان في جبهة الساحل الغربي التي تم تقييد حركتها باتفاق ستكهولم “الهش”.
وأعلنت القوات المشتركة، إحباط العديد من الهجمات الحوثية على مواقعها في عدة جبهات، خصوصا في محافظة الحديدة الساحلية (غرب).
وتأتي الهجمات الحوثية رغم استمرار هدنة اتفاق السويد الذي وقعت عليه الحكومة اليمنية والحوثيون برعاية أممية نهاية 2018، إلا ان الخروقات الحوثية اليومية لم تتوقف دون ردع من الجهات الراعية للاتفاق او مبعوث الامم المتحدة الى اليمن “غريفيث”.
وأدت الهجمات على مواقع المشتركة الى سقوط عشرات القتلى الحوثيين، إضافة إلى جرح عشرات آخرين.
بالتزامن، كشف الإعلام العسكري للمشتركة، عن إحباط استحداث خنادق وتحصينات حوثية في عدة مناطق بجبهات الحديدة. فضلا عن استهداف مناطق سكنية في عدد من مناطق المحافظة والتسبب بنزوح عشرات الاسر معظمها من حي منظر بمديرية الحوك.
وفي حين تلتزم الأمم المتحدة الصمت حيال التصعيد الحوثي في الحديدة، ذهبت الى مشاورات جديدة لتبادل اطلاق اسرى الطرفين دون تحديد ملامح تلك المشاورات التي كانت قد طالبت اطراف لدى القوات المشتركة ان تتضمن “الافراج عن الكل مقابل الكل دون انتقائية”، إلا ان ذلك على ما يبدو غير مرحب به من الجانبين “الاممي والحوثي” اللذين يستخدمان هذه الورقة سياسيا أكثر من استخدامها انسانيا، فضلا عن تقاعس الجانب الحكومي والجدية تجاه ذلك.
ويرى محللون أن سعي مليشيا الحوثي نحو مشاورات جديدة بشأن تبادل اطلاق الاسرى هو التقاط ورقة رابحة من شأنها فتح المجال لفريقها بعقد لقاءات مع اطراف دولية على هامش جلسات المشاورات، تتعلق بشأن قرار الولايات المتحدة بتصنيفها “منظمة ارهابية”.
ويشهد اليمن حرباً أشعلتها مليشيا الحوثي في سبتمبر/ ايلول 2014م، أودت بحياة عشرات آلاف المدنيين والعسكريين، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات الإنسانية، في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفق الأمم المتحدة.